وهلاك الأمم دون ذلك الأمر؟ وكونهم علموا أن المشيب فيها ذلك وفي أخواتها شيء آخر هو ذكر يوم القيامة وهلاك الأمم يأباه ما في خبر أبي علي من نفيه - ﷺ -، وكون ما ذكر مشيبا مفهوما من سورة دون أخرى لا يخفى حاله، وبالجملة لا ينبغي التعويل على هذه الرواية وإن سلم أنها صحت عن أبي علي، واتهام الرائي بعدم الحفظ أو بعدم تحقيق المرئي أهون من القول بصحة الرؤية والتكلف لتوجيه ما فيها، وسيأتي في آخر السورة إن شاء اللّه تعالى تمام الكلام في هذا المقام فليفهم. (١)
* سورة هود مكية وهي تعنى بأصول العقيدة الإسلامية (التوحيد، الرسالة، البعث والجزاء) وقد عرضت لقصص الأنبياء بالتفصيل تسلية للنبي ( - ﷺ - ) على ما يلقاه من أذى المشركين، لاسيما بعد تلك الفترة العصيبة التي مرت عليه بعد وفاة عمه (أبي طالب وزوجه " خديجة " فكانت الآيات تتنزل عليه، وهي تقص عليه ما حدث لإِخوانه الرسل أنواع الابتلاء، ليتأسى بهم في الصبر والثبات.
* ابتدأت السورة الكريمة بتمجيد القرآن العظيم، الذي أحكمت آياته، فلا يتطرق إليه خلل ولا تناقض، لأنه تنزيل الحكيم العليم، الذي لا تخفى عليه خافية من مصالح العباد
* ثم عرضت لعناصر الدعوة الإسلامية، عن طريق الحجج العقّليه، مع الموازنة بين المؤمنين : ، فريق الهدى) و(فريق الضلال ) وضربت مثلا للفريقين، وضحت به الفارق الهائل بين المؤمنين والكافرين، وفرقت يينهما كما تفرق الشمس بين الظلمات والنور مثل الفريقين كالأعمى والأصم، والبصير والسميع، هل يستون مثلا ؟ أفلا تذكرون ؟.
* ثم تحدثت عن الرسل الكرام مبتدئة بقصة " نوح " عليه السلام أب البشر الثاني، لأنه لم ينج من الطوفان إلا نوح والمؤمنون الذين ركبوا معه في السفينة، وغرق كل من على وجه الأرض، وهو أطول الأنبياء عمرا، وأكثرهم بلاء وصبرا.
* ثم ذكرت قصة (هود) عليه السلام الذي سميت السورة الكريمة باسمه، تخليدا لجهوده الكريمة في الدعوة إلى الله، فقد أرسل الله تعالى إلى قوم (عاد) العتاة المتجبرين، الذين اغتروا بقوة أجسامهم وقالوا : من أشد منا قوة ؟ فأهلكهم اللْه بالريح الصرصر العاتية، وقد أسهبت الآيات في الحديث عنهم، بقصد العظة والعبرة للمتكبرين المتجبرين " وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله، واتبعوا أمر كل جبار عنيد " إلى قوله.. ألآ إن عادا كفروا ربهم، ألا بعدا لعاد قوم هود ". " ثم تلتها قصة نبي الله " صالح " ثم قصة " شعيب " ثم قصة " موسى وهارون "، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ثم جاء التعقيب المباشر بما في هذه القصص من العبر والعظات، في إهلاك الله تعالى للظالمين " ذلك من أنباء القرى نقصه

(١) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (٦ / ١٨٩)


الصفحة التالية
Icon