ورابعها - شهادة امرأة العزيز : فإنها اعترفت ببراءته وطهارته، فقالت للنسوة : وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَاسْتَعْصَمَ وقالت : الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ، أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ.
وخامسها - الشهود من أهل العزيز : وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها، إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ، فَكَذَبَتْ، وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ.. الآية.
وسادسها - شهادة النسوة اللائي قطّعن أيديهن بقولهن : ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ.
كل تلك الشهادات قاطعة ببراءة يوسف عليه السّلام، فمن أراد أن يتهمه بالهمّ على السوء - علما بأن الهمّ أمر نفسي لا عقاب عليه - فهو من دعاة السوء، وأهل الجهالة والغباوة، وأدنى من الشيطان الذي شهد كما أوضحنا بطهارة يوسف.
١٢ - أرشدت قصة يوسف إلى أنه لا دافع لقضاء اللّه تعالى، ولا مانع من قدر اللّه تعالى، وأنه تعالى إذا قضى للإنسان بخير ومكرمة، لم يمنعه عنه أحد ولو اجتمع العالم عليه.
١٣ - دلت القصة على أن الحسد سبب للخذلان والخسران.
١٤ - الصبر مفتاح الفرج، فإن يعقوب عليه السّلام لما صبر فاز بمقصوده، وكذلك يوسف عليه السّلام لما صبر فاز كما تقدم بيانه. (١)
وهي مكية وعدد آياتها إحدى عشرة آية ومائة، وهي مناسبة لما قبلها إذ الكل في قصص الأنبياء، وتتضمن السورة قصة يوسف على أحسن نظام وأدق تعبير وأروع وصف، وقد برز أثناء سردها تأييد الرسول في قضيته الكبرى حيث لم يكن يعرف شيئا عن يوسف ولفت لأنظار العالم إلى الكون وما فيه من آيات وعبر، وإلى ما في الإنسان من غرائز كحب الولد، والغيرة والحسد بين الأخوة، والمكر والخديعة من بعضهم، ومن امرأة العزيز الثائرة، وما يتبع ذلك من ندم، والإشارة إلى ما في المجتمع المصرى إذ ذاك. كل ذلك بأسلوب قوى وعبارة بليغة وتصوير دقيق. (٢)
تقدمة لتفسير سورة يوسف
رأينا أن نقدّم لك أيها القارئ صورة موجزة تبين لك حال هذا النبي الكريم والعبرة من ذكر قصته فى القرآن العظيم، لتكون ذكرى للذاكرين، وسلوة للقارئين والسامعين.
يوسف الصديق : مثل كامل فى عفّته

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (١٢ / ١٨٨)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ١٥٨)


الصفحة التالية
Icon