سورة إبراهيم عليه السلام، مكية حكاه القرطبي في تفسيره عن الحسن وعكرمة إلا آيتين منها قوله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ إلى قوله : فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ وعدد آياتها اثنتان وخمسون آية.
وهي امتداد لما في سورة الرعد، وتوضيح لما أجمل فيها أو اختصار لما وضح في سابقتها، ألا ترى أن كلا منهما تكلم عن القرآن وعن الآيات الكونية، وإثبات البعث.
وضرب الأمثال للحق والباطل، والكلام على مكر الكفار وعاقبته إلى آخر ما في السورة. (١)
هى مكية وعدد آياتها ثنتان وخمسون.
وارتباطها بالسورة قبلها من وجوه :
(١) إنه قد ذكر سبحانه فى السورة السابقة أنه أنزل القرآن حكما عربيا ولم يصرح بحكمة ذلك وصرح بها هنا.
(٢) إنه ذكر فى السورة السالفة قوله :« وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ » وهنا ذكر أن الرسل قالوا :« ما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ».
(٣) ذكر هناك أمره عليه السلام بالتوكل على اللّه، وهنا حكى عن إخوانه المرسلين أمرهم بالتوكل عليه جل شأنه.
(٤) اشتملت تلك على تمثيل الحق والباطل، واشتملت هذه على ذلك أيضا.
(٥) ذكر هناك رفع السماء بغير عمد ومدّ الأرض وتسخير الشمس والقمر، وذكر هنا نحو ذلك.
(٦) ذكر هناك مكر الكفار وذكر مثله هنا، وذكر من وصفه ما لم يذكر هناك. (٢)
ارتباطها بالسورة التي قبلها واضح جدا لأنه قد ذكر في تلك السورة من مدح الكتاب وبيان أنه مغن عما اقترحوه ما ذكر، وافتتحت هذه بوصف الكتاب والإيماء إلى أنه مغن عن ذلك أيضا، وإذا أريد ب مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرعد : ٤٣] اللّه تعالى ناسب مطلع هذه ختام تلك أشد مناسبة، وأيضا قد ذكر في تلك إنزال القرآن حكما عربيا ولم يصرح فيها بحكمة ذلك وصرح بها هنا وأيضا تضمنت تلك الأخبار من قبله تعالى بأنه ما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن اللّه تعالى وتضمنت هذه الأخبار به من جهة الرسل عليهم السلام وأنهم قالوا : ما كان لنا أن نأتي بسلطان إلا بإذن اللّه، وأيضا ذكر هناك أمره عليه الصلاة والسلام بأن عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ [الرعد : ٣٠] وحكي هنا عن إخوانه المرسلين عليهم السلام توكلهم
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (١٣ / ١٢٢)