عليه سبحانه وأمرهم بالتوكل عليه جل شأنه، واشتملت تلك على تمثيل للحق والباطل واشتملت هذه على ذلك أيضا بناء على بعض ما ستسمعه إن شاء اللّه تعالى في قوله سبحانه : مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً [إبراهيم : ٢٤] إلى آخره، وأيضا ذكر في الأولى من رفع السماء ومد الأرض وتسخير الشمس والقمر إلى غير ذلك ما ذكر وذكر هنا نحو ذلك إلا أنه سبحانه اعتبر ما ذكر أولا آيات وما ذكر ثانيا نعما وصرح في كل بأشياء لم يصرح بها في الآخر، وأيضا قد ذكر هناك مكر الكفرة وذكر هنا أيضا وذكر من وصفه ما لم يذكر هناك، وأيضا قال الجلال السيوطي : إنه ذكر في الأولى قوله تعالى : وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ [الرعد : ٣٢] وذلك مجمل في أربعة مواضع الرسل. والمستهزئين.
وصفة الاستهزاء والأخذ وقد فصلت الأربعة في قوله سبحانه : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ [إبراهيم : ٩] الآيات، وقد اشتركت السورتان مما عدا افتتاح كل منهما بالمتشابه بأن كلا قد افتتح بالألف واختتم بالباء، وجمعا أيضا في آخر ما ختما به، وبقي مناسبات بينهما غير ما ذكرنا لو ذكرناها لطال الكلام واللّه تعالى أعلم بما في كتابه. (١)
تناولت السورة الكريمة موضوع العقيدة في أصولها الكبيرة ( الإيمان بالله، الإيمان بالرسالة، والإيمان بالبعث والجزاء) ويكاد يكون محور السورة الرئيسي الرسالة والرسول " فقد تناولت دعوة الرسل الكرام بشيء من التفصيل، وبينت وظيفة الرسول، ووضحت معنى وحدة الرسالات السماوية، فالأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، جاءوا لتشييد صرح الإيمان، وتعريف الناس بالإله الحق الذي تعنو له الوجوه، وإخراج البشرية من الظلمات إلى النور، فدعوتُهم واحدة، وهدفهم واحد، وإن كان بينهم اختلافْ في الفروع.
* وقد تحدثت السورة عن رسالة موسى عليه السلام، ودعوته لقومه إلى أن يعبدوا الله ويشكروه، وضربت الأمثال بالمكذبين للرسل، من الأمم السابقة كقوم نوح، وعاد، وثمود، ثم تناولت الآيات موضوع الرسل مع أقوامهم على مر العصور والدهور، وحكت ما جرى بينهم من محاورات ومناورات، انتهت بأهلاك الله للظالمين
[ وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا، فأوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيد ].
* وتحدثت السورة عن مشهد من مشاهد الآخرة، حيث يلتقي الأشقياء المجرمون، بأتباعهم الضعفاء، وذكرت ما يدور بينهم من حوار طويل، ينتهي بتكدس الجميع في (نار جهنم )، يصطلون سعيرها،