السَّماءِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ»..
ولأن النعمة والشكر عليها والكفر بها تطبع جو السورة تجيء التعبيرات والتعليقات فيها متناسقة مع هذا الجو :«وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ»..
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ»..
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ»..
«اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ»..
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ»..
وفي رد الأنبياء على اعتراض المكذبين بأنهم بشر يجي ء :«وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ»..
فيبرز منة اللّه تنسيقا للرد مع جو السورة كله. جو النعمة والمنة والشكر والكفران..
وهكذا يتساوق التعبير اللفظي مع ظلال الجو العام في السورة كلها على طريقة التناسق الفني في القرآن..
وتنقسم السورة إلى مقطعين متماسكي الحلقات :
المقطع الأول يتضمن بيان حقيقة الرسالة وحقيقة الرسول. ويصور المعركة بين أمة الرسل وفرقة المكذبين في الدنيا وفي الآخرة، ويعقب عليها بمثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة.
والمقطع الثاني يتحدث عن نعم اللّه على البشر، والذين كفروا بهذه النعمة وبطروا. والذين آمنوا بها وشكروا ونموذجهم الأول هو إبراهيم. ويصور مصير الظالمين الكافرين بنعمة اللّه في سلسلة من أعنف مشاهد القيامة وأجملها، وأحفلها بالحركة والحياة.. ليختم السورة ختاما يتسق مع مطلعها :«هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ».. (١)
فذلكة لمحتويات السورة
(١) هداية الناس إلى معرفة ربهم الخالق للسموات والأرض.
(٢) دم الكافرين الذين يستحبون الدنيا ويصدّون عن الدين القويم.
(٣) بيان أن الرسل إنما يرسلون بلغات أقوامهم، ليسهل عليهم فهم الأوامر والنواهي.
(٤) التذكير بأيام اللّه ببيان ما حدث للرسل مع أقوامهم، ليكون فى ذلك تسلية لرسوله، وما هدد به الأمم رسلهم من الإخراج والنفي من الديار.
(٥) وعيد الكافرين على كفرهم وذكر ما يلقونه من العذاب، وضرب الأمثلة لذلك.

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢٠٧٧)


الصفحة التالية
Icon