سورة الحجر من السور المكية، التي تستهدت المقاصد الأساسية للعقيدة الإسلامية (الوحدانية، النبوة، البعث والجزاء) ومحور السورة يدور حول مصارع الطغاة، والمكذبين لرسل الله، في شتى الأزمان والعصور، ولهذ ابتدأت السورة بالإنذار والتهديد، ملفعا بظل من التهويل والوعيد [ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأهل فسوف يعلمون ].
* عرضت السورة لدعوة الأنبياء، وبينت موقف أْهل الشقاوة والضلالة من الرسل الكرام، فما من نبى إلا سخر منه قومه الضالون، من لدن بعثة شيخ الأنبياء " نوح " عليه السلام، إلى بعثة خاتم المرسلين، وقد بينت السورة أن هذه سنة المكذبين، في كل زمان وحين [ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون.. ] الآيات.
* وعرضت السورة إلى الآيات الباهرات، المبدعة في صفحة هذا الكون العجيب، الذي ينطق بأثار اليد المبدعة، ويشهد بجلال عظمة الخالق الكبير، بدءا بمشهد السماء، فمشهد الأرض، فمشهد الرياح اللواقح، فمشهد الحياة والموت، فمشهد الحشر والنشر، وكلها ناطقة بعظمة الله وجلاله، وشاهدة بوحدانيته وقدرته
[ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم.. ] الآيات. " وعرضت السورة إلى قصة (البشرية الكبرى) قصة الهدى والضلال ممثلة في خلق آدم عليه السلام، وعدوه اللدود (إبليس ) اللعين، وما جرى من سجود الملائكة لآدم، واستكبار إبليس عن السجود، واعتراضه على أمر الله وتوعده لذرية آدم [ وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون.. ] الآيات.
* ومن قصة آدم تنتقل السورة إلى قصص بعض الأنبياء، تسلية لرسول الله عليه السلام، وتثبيتاً لقلبه الشريف، لئلا يتسرب إليه اليأس والقنوط، فتذكر قصة (لوط، وشعيب، وصالح ) عليهم السلام، وما حل بأقوامهم المكذبين.
* وتختم السورة الكريمة بتذكير الرسول ( - ﷺ - ) بالنعمة العظمى عليه، بإنزال هذا الكتاب المجيد المعجز، وتأمره بالصبر والسلوان، على ما يلقاه من أذى المشركين، وتبشره بقرب النصر له وللمؤمنين [ ولقد اَتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم.. ] إلى آخر السورة الكريمة.
التسمية :
سميت السورة الكريمة (سورة الحِجر) لأن الله تعالى ذكر ما حدث لقوم صالح، وهم (قبيلة ثمود) وديارهم في الحِجر بين المدينة والشام، فقد كانوا أشداء، ينحتون الجبال ليسكنوها، وكأنهم مخلدون في


الصفحة التالية
Icon