فناسب هذا الختام للسورة أن تجىء بعدها سورة الإسراء، وما كشف اللّه لنبيه فى هذه الرحلة المباركة من جلال ملكوته، وما أراه من أسرار علمه وحكمته! (١)
تعريف بسورة الإسراء
١ - سورة الإسراء هي السورة السابعة عشرة في ترتيب المصحف، فقد سبقتها سورة :
الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والنساء.... إلخ.
أما ترتيبها في النزول، فقد ذكر السيوطي في الإتقان أنها السورة التاسعة والأربعون، وأن نزولها كان بعد سورة القصص.
٢ - وتسمى - أيضا - بسورة بنى إسرائيل، وبسورة « سبحان »، وعدد آياتها عند الجمهور إحدى عشرة آية ومائة، وعند الكوفيين عشر آيات ومائة آية.
٣ - ومن الأحاديث التي وردت في فضلها، ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن مسعود - رضى اللّه عنه - أنه قال في بنى إسرائيل، والكهف ومريم : إنهن من العتاق الأول، وهنّ من تلادى
والعتاق : جمع عتيق وهو القديم، وكذلك التالد بمعنى القديم. ومراده - رضى اللّه عنه - أن هذه السور من أول ما حفظه من القرآن.
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن زيد، عن مروان عن أبى لبابة، قال : سمعت عائشة - رضى اللّه عنها - تقول : كان رسول اللّه - ﷺ - يصوم حتى نقول :
ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول : ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ كل ليلة :« بنى إسرائيل » و« الزمر ».
٤ - ومن وجوه مناسبة هذه السورة لما قبلها، ما ذكره أبو حيان بقوله :« ومناسبة هذه لما قبلها، أنه - تعالى - لما أمره - في آخر النحل - بالصبر، ونهاه عن الحزن عليهم، وعن أن يضيق صدره من مكرهم، وكان من مكرهم نسبته إلى الكذب والسحر والشعر، وغير ذلك مما رموه به، أعقب - تعالى - ذلك بذكر شرفه، وفضله، واحتفائه به، وعلو منزلته عنده ».
٥ - وسورة الإسراء من السور المكية، ومن المفسرين الذين صرحوا بذلك دون أن يذكروا خلافا في كونها مكية. الزمخشري، وابن كثير، والبيضاوي، وأبو حيان.
وقال الآلوسى : وكونها كذلك بتمامها قول الجمهور.
وقيل : هي مكية إلا آيتين :
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ | وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ. |