والخلاصة : إن السورة اهتمت بترسيخ أصول العقيدة والدين كسائر السور المكية، من إثبات التوحيد، والرسالة والبعث، وإبراز شخصية الرسول - ﷺ -، وتأييده بالمعجزات الكافية للدلالة على صدقه، وتفنيد شبهات كثيرة للمشركين. (١)
سورة الإسراء كلها مكية وقد جزم البيضاوي في تفسيره بذلك، وقيل : كلها إلا آيات وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ.. فإنها نزلت حين جاء إلى رسول اللّه - ﷺ - وقد ثقيف، وحين قالت اليهود : ليست هذه - أى المدينة - بأرض الأنبياء، وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وإِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ فهذه الآيات الثلاث مدنية، ويظهر واللّه أعلم أن الأصح رأى البيضاوي، وعدد آياتها مائة وإحدى عشرة آية.
وتسمى سورة بنى إسرائيل.
وهذه السورة عالجت العقيدة الإسلامية في شتى مظاهرها، فتراها تكلمت عن الرسول ورسالته، والقرآن وهدايته وموقف القوم منه، ثم عن الإنسان وسلوكه وأسس المجتمع الإسلامى السليم، وامتازت بتنزيه اللّه عما يقوله المشركون، وفي ثنايا ذلك كله قصص عن بنى إسرائيل، وذكرت طرفا من قصة آدم، وابتدأت الكلام عن الإسراء. (٢)
سورة الإسراء - سورة بنى إسرائيل هى مكية كما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس، وقال مقاتل إلا ثمانى آيات من قوله : وإن كادوا ليفتنونك إلى آخر هنّ. وآيها عشر ومائة.
أخرج أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم « عن عائشة أن النبي - ﷺ - كان يقرأ كل ليلة بنى إسرائيل والزّمر »
وأخرج البخاري وابن مردويه « عن ابن مسعود أنه قال فى هذه السورة والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادى ».
ووجه مناسبتها لسورة النحل وذكرها بعدها أمور :
(١) إنه سبحانه ذكر فى سورة النحل اختلاف اليهود فى السبت، وهنا ذكر شريعة أهل السبت التي شرعها لهم فى التوراة، فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال :« إن التوراة كلها فى خمس عشرة آية من سورة بنى إسرائيل ».

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ٥)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ٣٤٩)


الصفحة التالية
Icon