القرآن الذي أرادوا فتنته عن بعضه فيه شفاء وهدى للمؤمنين، بينما الإنسان قليل العلم «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا».
ويستمر في الحديث عن القرآن وإعجازه. بينما هم يطلبون خوارق مادية، ويطلبون نزول الملائكة، ويقترحون أن يكون للرسول بيت من زخرف أو جنة من نخيل وعنب، يفجر الأنهار خلالها تفجيرا! أو أن يفجر لهم من الأرض ينبوعا. أو أن يرقى هو في السماء ثم يأتيهم بكتاب مادي معه يقرأونه... إلى آخر هذه المقترحات التي يمليها العنت والمكابرة، لا طلب الهدى والاقتناع. ويرد على هذا كله بأنه خارج عن وظيفة الرسول وطبيعة الرسالة، ويكل الأمر إلى اللّه. ويتهكم على أولئك الذين يقترحون هذه الاقتراحات كلها بأنهم لو كانوا يملكون خزائن رحمة اللّه - على سعتها وعدم نفادها - لأمسكوا خوفا من الإنفاق! وقد كان حسبهم أن يستشعروا أن الكون وما فيه يسبح للّه، وأن الآيات الخارقة قد جاء بها موسى من قبل فلم تؤد إلى إيمان المتعنتين الذين استفزوه من الأرض، فأخذهم اللّه بالعذاب والنكال.
وتنتهي السورة بالحديث عن القرآن والحق الأصيل فيه. القرآن الذي نزل مفرقا ليقرأه الرسول على القوم زمنا طويلا بمناسباته ومقتضياته، وليتأثروا به ويستجيبوا له استجابة حية واقعية عملية. والذي يتلقاه الذين أوتوا العلم من قبله بالخشوع والتأثر إلى حد البكاء والسجود. ويختم السورة بحمد اللّه الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل. كما بدأها بتسبيحه وتنزيهه.
وقصة الإسراء - ومعها قصة المعراج - إذ كانتا في ليلة واحدة - الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس. والمعراج من بيت المقدس إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى، وذلك العالم الغيبي المجهول لنا.. هذه القصة جاءت فيها روايات شتى وثار حولها جدل كثير. ولا يزال إلى اليوم يثور.
وقد اختلفت في المكان الذي أسري منه، فقيل هو المسجد الحرام بعينه - وهو الظاهر - وروي عن النبي - ﷺ - «بينا أنا في المسجد في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل عليه السلام بالبراق». وقيل : أسري به من دار أم هانئ بنت أبي طالب. والمراد بالمسجد الحرام الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به. وعن ابن عباس : الحرم كله مسجد.
وروي أنه كان نائما في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فأسري به ورجع من ليلته، وقص القصة على أم هانىء وقال :«مثل لي النبيون فصليت بهم» ثم قام ليخرج إلى المسجد، فتشبثت أم هانىء بثوبه، فقال :
«ما لك؟» قالت : أخشى أن يكذبك قومك إن أخبرتهم. قال :«وإن كذبوني». فخرج فجلس إليه أبو جهل، فأخبره رسول اللّه - ﷺ - بحديث الإسراء. فقال أبو جهل : يا معشر بني كعب ابن لؤي هلم.


الصفحة التالية
Icon