وحذرهم من الشيطان وعداوته لبني آدم ليكونوا على حذر من كيده.
وقدم لقصة ذي القرنين قصة أهم منها وهي قصة موسى والخضر عليهما السلام، لأن كلتا القصتين تشابهتا في السفر لغرض شريف. فذو القرنين خرج لبسط سلطانه على الأرض، وموسى عليه السلام خرج في طلب العلم.
وفي ذكر قصة موسى تعريض بأحبار بني إسرائيل إذ تهمموا بخبر ملك من غير قومهم ولا من أهل دينهم ونسوا خبرا من سيرة نبيهم.
وتخلل ذلك مستطردات من إرشاد النبي - ﷺ - وتثبيته. وأن الحق فيما أخبر به، وأن أصحابه الملازمين له خير من صناديد المشركين، ومن الوعد والوعيد، وتمثيل المؤمن والكافر، وتمثيل الحياة الدنيا وانقضائها، وما يعقبها من البعث والحشر، والتذكير بعواقب الأمم الدنيا وانقضائها، وما يعقبها من البعث والحشر، والتذكير بعواقب الأمم المكذبة للرسل، وما ختمت به من إبطال الشرك ووعيد أهله؛ ووعد المؤمنين بضدهم، والتمثيل لسعة علم الله تعالى. وختمت بتقرير أن القرآن وحي من الله تعالى إلى رسوله - ﷺ - فكان في هذا الختام محسن رد العجز على الصدر. (١)
١ - سورة الكهف هي السورة الثامنة عشرة في ترتيب سور المصحف، فقد سبقتها في الترتيب سور : الفاتحة، والبقرة، وآل عمران.. إلخ.
أما ترتيبها في النزول، فهي السورة الثامنة والستون، فقد ذكر قبلها صاحب الإتقان سبعا وستين سورة، كما ذكر أن نزولها كان بعد سورة الغاشية.
ومما ذكره صاحب الإتقان يترجح لدينا، أن سورة الكهف من أواخر السور المكية التي نزلت على النبي - ﷺ - قبل الهجرة، إذ من المعروف عند العلماء أن السور المكية زهاء اثنتين وثمانين سورة.
قال الآلوسي : سورة الكهف، ويقال لها سورة أصحاب الكهف.. وهي مكية كلها في المشهور، واختاره الداني.. وعدها بعضهم من السور التي نزلت جملة واحدة.
وقيل : مكية إلا قوله - تعالى - وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ.. الآية.
وقيل هي مكية إلا أولها إلى قوله - تعالى - جُرُزاً وقيل : مكية إلا قوله - تعالى - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا.. إلى آخر السورة.
وهي مائة وإحدى عشرة آية عند البصريين، ومائة وعشر آيات عند الكوفيين...

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (١٥ / ٥)


الصفحة التالية
Icon