ويسير السياق مع موضوعات السورة في أشواط ثلاثة :
الشوط الأول يتضمن قصة زكريا ويحيى، وقصة مريم وعيسى. والتعقيب على هذه القصة بالفصل في قضية عيسى التي كثر فيها الجدل، واختلفت فيها أحزاب اليهود والنصارى.
والشوط الثاني يتضمن حلقة من قصة إبراهيم مع أبيه وقومه واعتزاله لملة الشرك وما عوضه اللّه من ذرية نسلت بعد ذلك أمة. ثم إشارات إلى قصص النبيين، ومن اهتدى بهم ومن خلفهم من الغواة ومصير هؤلاء وهؤلاء. وينتهي بإعلان الربوبية الواحدة، التي تعبد بلا شريك :«رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ. هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا؟» والشوط الثالث والأخير يبدأ بالجدل حول قضية البعث، ويستعرض بعض مشاهد القيامة. ويعرض صورة من استنكار الكون كله لدعوى الشرك، وينتهي بمشهد مؤثر عميق من مصارع القرون! «وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ. هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً» (١)
خلاصة لما حوته السورة الكريمة من المقاصد
(١) دعاء زكريا ربه أن يهب له ولدا سريا مع ذكر الأسباب التي دعته إلى ذلك (٢) استجابة اللّه دعاءه وبشارته بولد يسمى يحيى لم يسمّ أحد من قبله بمثل اسمه.
(٣) تعجب زكريا من خلق ذلك الولد من أبوين : أمّ عاقر وأب شيخ هرم.
(٤) طلبه العلامة على أن امرأته حامل.
(٥) إيتاء يحيى النبوة والحكم صبيا.
(٦) ما حدث لمريم من اعتزالها لأهلها، وتمثل جبريل لها بشرا سويا، والتجائها إلى اللّه أن يدفع عنها شر هذا الرجل، وإخباره لها أنه ملك لا بشر.
(٧) حملها بعيسى عليه السلام وانتباذها مكانا قصيا حتى لا يراها الناس وهى على تلك الحال.
(٨) نداء عيسى لها حين الولادة، وأمرها بهزّ النخلة حتى تساقط عليها رطبا جنيا.
(٩) مجيئها بعيسى ومقابلتها لقومها وهى على تلك الحال وقد انهال عليها اللوم والتعنيف بأنها فعلت ما لم يسبقها إليه أحد من تلك الأسرة الشريفة التي اشتهرت بالصلاح والتقوى.
(١٠) كلام عيسى وهو فى المهد تبرئة لأمه ووصفه نفسه بصفات الكمال من النبوة والبركة والبر بوالديه وأنه لم يكن جبارا متكبرا على خالقه.
(١١) اختلاف النصارى فى شأنه.

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢٢٩٩)


الصفحة التالية
Icon