قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: كنا مع النبي في سفر فرفع صوته بهاتين الآيتين ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ إلى آخره. فرواية قتادة عن الحسن أثبت من رواية ابن جدعان عن الحسن، لأن ابن جدعان واسمه علي بن زيد قال فيه أحمد وأبو زرعة: ليس بالقوي. وقال فيه ابن خزيمة: سيء الحفظ، وقد كان اختلط فينبغي عدم اعتماد ما انفرد به من الزيادة. وروى ابن عطية عن أنس بن مالك أنه قال: أنزل أول هذه السورة على رسول الله في سفر. ولم يسنده ابن عطية.
وذكر القرطبي عن الغزنوي أنه قال: سورة الحج من أعاجيب السور نزلت ليلا ونهارا، سفرا وحضرا، مكيا ومدنيا، سلميا وحربيا، ناسخا ومنسوخا، محكما ومتشابها.
وقد عدت السورة الخامسة والمائة في عداد نزول سورة القرآن في رواية جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: نزلت بعد سورة النور وقبل سورة المنافقين. وهذا يقتضي أنها عنده مدنية كلها لأن سورة النور وسورة المنافقين مدنيتان فينبغي أن يتوقف في اعتماد هذا فيها.
وعدت آياتها عند أهل المدينة ومكة: سبعا وسبعين. وعدها أهل الشام: أربعا وسبعين. وعدها أهل البصرة: خمسا وسبعين: وعدها أهل الكوفة: ثمانا وسبعين.
ومن أغراض هذه السورة:
- خطاب الناس بأمرهم أن يتقوا الله ويخشوا يوم الجزاء وأهواله.
- والاستدلال على نفي الشرك وخطاب المشركين بأن يقلعوا عن المكابرة في الاعتراف بانفراد الله تعالى بالإلهية وعن المجادلة في ذلك اتباعا لوساوس الشياطين، وأن الشياطين لا تغني عنهم شيئا ولا ينصرونهم في الدنيا وفي والآخرة.
- وتفظيع جدال المشركين في الوحدانية بأنهم لا يستندون إلى علم وأنهم يعرضون عن الحجة ليضلوا الناس.
- وأنهم يرتابون في البعث وهو ثابت لا ريبة فيه وكيف يرتابون فيه بعلة استحالة الإحياء بعد الإماتة ولا ينظرون أن الله أوجد الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم طوره أطورا.
وأن الله ينزل الماء على الأرض الهامدة فتحيا وتخرج من أصناف النبات، فالله هو القادر على كل ذلك. فهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير.
وأن مجادلتهم بإنكار البعث صادرة عن جهالة وتكبر عن الامتثال لقول الرسول - ﷺ -.
- ووصف المشركين بأنهم في تردد من أمرهم في اتباع دين الإسلام.


الصفحة التالية
Icon