(١) إن آخر السورة قبلها كان فى أمر القيامة كقوله : يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب، وقوله : واقترب الوعد الحق - وأول هذه السورة الاستدلال على البعث بالبراهين العقلية.
(٢) إنه قد أقيمت فى السورة السالفة الحجج الطبيعية على الوحدانية - وفى هذه جعل العلم الطبيعي من براهين البعث.
(٣) فى السورة السالفة وما قبلها قصص الأنبياء وبراهينهم لقومهم، وفى هذه السورة خطاب من اللّه للأمم الحاضرة، وهو خطاب يسترعى السمع ويوجب علينا ولو إجمالا أن نعرف صنع اللّه فى أرضه وسمائه وتدبيره خلق الأجنّة والنبات والحيوان (١)
وهي مكية في القول الصحيح إلا بعض آيات. وقال الجمهور : السورة مختلطة منها مكي ومنها مدني. وهذا هو الأصح، وآياتها ثمان وسبعون آية، وهي تتضمن الكلام على البعث وبعض مشاهده، ثم تنتقل إلى الكلام على المشركين وموقفهم من المسجد الحرام واستتبع ذلك الكلام على البيت وشعائر الحج، ثم الكلام على المكذبين ومصارعهم للعبرة بهم وفي نهاية السورة آيات اللّه في الكون مع ضرب المثل للآلهة. (٢)
وجه مناسبتها للسورة التي قبلها ظاهر، وجاء في فضلها ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عُقْبَةَ بْنِ عْامِرٍ قالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ قَالَ « نَعَمْ فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلاَ يَقْرَأْهُمَا » (٣)..
والروايات في أن فيها سجدتين متعددة مذكورة في الدر المنثور، نعم أخرج ابن أبي شيبة (٤) عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ :" لَيْسَ فِي الْحَجِّ إِلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأُولَى ". (٥)
سورة الحج مدنية وهي تتناول جوانب التشريع، شأنها شأن سائر السور المدنية التي تعني بأمور التشريع، ومع أن السورة مدنية إلا أنه يغلب عليها جو السور المكية، فموضوع الإيمان، والتوحيد، والإنذار، والتخويف، وموضوع البعث والجزاء، ومشاهد القيامة وأهوالها، هو البارز في السورة الكريمة، حتى ليكاد يخيل للقارىء، أنها من السور المكية، هذا إلى جانب الموضوعات التشريعية، من الإذن بالقتال،
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ٥٦٣)
(٣) - مسند أحمد - (١٧٨٢٨) حسن
(٤) - مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (٤٢٤٩ ) صحيح مقطوع
(٥) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (٩ / ١٠٥)