تظهر صلة هذه السورة بسورة الحج من نواح هي :
١ - ختمت سورة الحج بجملة من الأوامر الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، منها قوله تعالى : وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وهو مجمل فصّل في فاتحة هذه السورة، فذكر تعالى خصال الخير التي من فعلها فقد أفلح، فقال : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الآيات العشر.
٢ - ذكر في أول سورة الحج قوله : يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ، فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ الآية لإثبات البعث والنشور، ثم زاد هنا بيانا ضافيا في قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ الآيات. فما أجمل أو أوجز هناك، فصل وأطنب هنا.
٣ - في كل من السورتين أدلة على وجود الخالق ووحدانيته.
٤ - في السورتين أيضا ذكرت قصص بعض الأنبياء المتقدمين للعبرة والعظة، في كل زمن وعصر ولكل فرد وجيل.
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت السورة الكلام عن أصول الدين من وجود الخالق وتوحيده وإثبات الرسالة والبعث.
وابتدأت بالإشادة بخصال المؤمنين المصدقين باللّه ورسوله التي استحقوا بها ميراث الفردوس الأعلى في الجنان.
ثم أبانت الأدلة على وجود اللّه تعالى والقدرة الإلهية والوحدانية من خلق الإنسان مرورا بأطواره المتعددة، وخلق السموات البديعة، وإنزال الماء منها لإنبات الجنات أو البساتين التي تزهو بالنخيل والأعناب، والزيتون والرمان، والفواكه الكثيرة، وإيجاد الأنعام ذات المنافع العديدة للإنسان، وتسخير السفن لحمل الركاب والبضائع.
ثم أوردت قصص بعض الأنبياء والمرسلين كنوح وهود وموسى وهارون وعيسى وأمه مريم، لتكون نماذج للعبرة والعظة عبر الأجيال، وتسلية لرسول اللّه - ﷺ - عما يلقاه من أذى المشركين من قريش، مع توبيخهم ووعيدهم على استكبارهم عن الحق، ووصفهم النبي - ﷺ - بالجنون وغيره، وعدم إيمانهم برسالته، وإخبارهم بما يلقونه من العذاب والنكال يوم القيامة، وإقناعهم بالأدلة والبراهين على حدوث البعث والنشور.
وفي خلال ذلك أوضحت بعض الآيات يسر التكليف وسماحته وعدم المطالبة إلا بما فيه الوسع والقدرة، والتذكير بما أنعم اللّه به على الإنسان من نعم الحواس والمشاعر، والإنكار الشديد على نسبة الولد والشريك للّه تعالى.


الصفحة التالية
Icon