ثم طمأنت الآيات النبي - ﷺ - عن نجاته من القوم الظالمين، ووضعت له أسلوب الدعوة إلى اللّه تعالى، وعرفته طريق الاعتصام باللّه من همزات الشياطين.
وعرضت السورة في خاتمتها لموقف الحساب الرهيب وأهواله وشدائده، وما فيه من معايير النجاة والخسران، من ثقل الموازين وخفتها، وقسمة الناس إلى فريقين : سعداء وأشقياء، وعدم إفادة الأنساب في شيء، وتمني الكفار العودة لدار الدنيا ليعملوا صالحا، وتذكيرهم بسخريتهم وضحكهم من المؤمنين، وسؤالهم عن مدة لبثهم في الدنيا، وتوبيخهم على إنكار البعث، وإعلان تفرد الإله الملك القاهر بالحساب ومحاورته أهل النار، وبيان خسارة من عبد مع اللّه إلها آخر، ونجاة أهل الإيمان والعمل الصالح، وإفاضة رحمة اللّه عليهم ومغفرته لهم. (١)
مكية كلها في قول الجميع، وعدد آياتها ثماني عشرة ومائة آية.
وهي تدور حول الإيمان والمؤمنين من أولها إلى آخرها فهي إذ تصف المؤمنين، تذكر أسس الإيمان في الإنسان والكون، ثم تتعرض لرسالات بعض الأنبياء وكلها تدعو للإيمان، ثم تعود إلى المؤمنين وخصالهم وإلى الكافرين وأعمالهم مع تعرض لبعض صفات اللّه ونراها تختتم الكلام بتوجيهات للنبي - ﷺ -، ثم بذكر مشهد من مشاهد يوم القيامة للعبرة والعظة. (٢)
* سورة " المؤمنون " من السور المكية التي تعالج أصول الدين من (التوحيد والرسالة، والبعث ) سميت بهذا الإسم الجليل " المؤمنون " تخليدا لهم وإشادةً بمآثرهم وفضائلهم الكريمة، التي استحقوا بها ميراث الفردوس الأعلى في جنات النعيم.
* عرضت السورة الكريمة لدلائل القدرة والوحدانية، مصورة في هذا الكون العجيب، في (الإنسان، والحيوان، والنبات، ثم في خلق السموات البديعة ذات الطرائق، وفي الآيات الكونية المنبثة فيما يشاهده الناس في العالم المنظور، من أنواع النخيل والأعناب، والزيتون والرمان، والفواكه والثمار، والسفن الكبيرة التي تمحر عباب البحار) وغير ذلك من الآيات الكونية الدالة على وجود الله جل وعلا.
* وقد عرضت السورة لقصص بعض الأنبياء، تسلية لرسول الله ( - ﷺ - )، عما يلقاه من أذى المشركين، فذكرت قصة نوح، ثم قصة هود، ثم قصة موسى، ثم قصة مريم البتول وولدها عيسى، ثم عرضت لكفار مكة وعنادهم ومكابرتهم للحق بعدما سطع سطوع الشمس في رابعة النهار، وأقامت الحجج
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ٦١١)