لم يجد مؤن الزواج، من أجل تحقيق الاستقامة على شريعة اللّه، وصون الأسرة المسلمة، ورعاية حال الشباب والفتيات، والبعد عن الفتنة.
ثم أبانت مزية تشريع الأحكام وأنه نور وهدى، وفضل آيات القرآن، ومزية بيوت اللّه وهي المساجد، وعدم جدوى أعمال الكفار وتشبيهها بالسراب الخادع أو ظلمات البحار.
وأعقب ذلك تنبيه الناس إلى أدلة وجود اللّه ووحدانيته في صفحة الكون الأعلى والأسفل من تقليب الليل والنهار وإنزال المطر وخلق السموات والأرض، وخضوع جميع الكائنات الحية للّه عز وجل، وطيران الطيور، وخلق الدواب ذات الأنواع العجيبة.
ثم انتقل إلى وصف مواقف المنافقين والمؤمنين الصادقين من حكم اللّه والرسول بإعراض الأولين وإطاعة الآخرين، ووعده تعالى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات بالاستخلاف في الأرض.
ثم عادت الآيات لبيان حكم استئذان الموالي والأطفال في البيوت في أوقات ثلاثة، وحكم رفع الحرج عن ذوي الأعذار في الجهاد، وعن الأقارب والأصدقاء في الأكل من بيوت أقاربهم بلا إذن، واستئذان المؤمنين الرسول - ﷺ - عند الانصراف، وتفويضه بالإذن لمن شاء، وتعظيم مجلسه ومناداته بأدب جم وحياء وتبجيل يليق به وبرسالته. (١)
مدنية بالإجماع - وعدد آياتها ثلاث وستون آية. وفيها إشعاعات النور، والآداب الإسلامية العامة التي تحافظ على الأنساب والأعراض وبيان أن ذلك كله من نور اللّه. (٢)
وجه اتصالها بسورة المؤمنين أنه سبحانه لما قال فيها وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [المؤمنون : ٥] ذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الإفك والأمر بغض البصر الذي هو داعية الزنا والاستئذان الذي إنما جعل من أجل النظر وأمر فيها بالإنكاح حفظا للفرج وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا. (٣)
سورة النور من السور المدنية، التى تتناول الأحكام التشريعية، وتعنى بأمور التشريع، والتوجيه والاخلاق، وتهتم بالقضايا العامة والخاصة التي ينبغى ان يربى عليها المسلمون، افرادا وجماعات، وقد اشتملت هذه السورة على احكام هامة وتوجيهات عامة تتعلق بالاسرة، التي هى النواة الأولى لبناء المجتمع الأكبر.

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (١٨ / ١١٨) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (١٨ / ٦٦)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ٦٤٩)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (٩ / ٢٧٣)


الصفحة التالية
Icon