قال الآلوسى :« وتسمى أيضا - كما في الدر المنثور - سورة سليمان، وعدد آياتها خمس وتسعون آية - عند الحجازيين -، وأربع وتسعون - عند البصريين - وثلاث وتسعون - عند الكوفيين - ».
٣ - وقد افتتحت سورة النمل بالثناء على القرآن الكريم، وعلى المؤمنين الذين يحافظون على فرائض اللّه - تعالى -، ويوقنون بالآخرة وما فيها من ثواب أو عقاب...
أما الذين لا يؤمنون بالآخرة، فقد أنذرتهم بسوء المصير أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ.
٤ - ثم تحدثت السورة بعد ذلك عن جانب من قصة موسى - عليه السلام - فذكرت لنا ما قاله موسى لأهله عند ما آنس من جانب الطور نارا، وما قاله اللّه - تعالى - له عند ما جاءها، وما أمره - سبحانه - به، في قوله - تعالى - : وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ. يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ.
٥ - ثم تحدثت السورة بعد ذلك عما منحه اللّه - تعالى - لداود وسليمان - عليهما السلام - من علم واسع، ومن عطاء كبير، وحكت ما قالته نملة عند ما رأت سليمان وجنوده، كما حكت ما دار بين سليمان - عليه السلام - وبين الهدهد، وما دار بينه - عليه السلام - وبين ملكة سبأ من كتب ومحاورات انتهت بإسلام ملكة سبأ، حيث قالت : بِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
ثم ساقت السورة جانبا من قصة صالح - عليه السلام - مع قومه، فتحدثت عن الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، والذين بيتوا السوء لنبيهم صالح وللمؤمنين معه، فكانت نتيجة مكر هؤلاء المفسدين الخسار والهلاك. كما قال - تعالى - :
وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا...
٧ - وبعد أن ساقت السورة جانبا من قصة لوط - عليه السلام - مع قومه. أتبعت ذلك بالحديث عن وحدانية اللّه - تعالى - وقدرته، فذكرت ألوانا من الأدلة على ذلك، وقد قال - سبحانه - في أعقاب كل دليل أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، وكرر ذلك خمس مرات، في خمس آيات.
٨ - وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر وحدانية اللّه وقدرته - سبحانه -، أخذت السورة الكريمة في تسلية الرسول - ﷺ - وفي تثبيت فؤاده، وفي بيان أن هذا القرآن هداية ورحمة. قال - تعالى - : إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ. فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.