تسميتها : سميت سورة النمل لإيراد قصة وادي النمل فيها، ونصيحة نملة منها بقية النمل بدخول جحورهن، حتى لا يتعرضن للدهس من قبل جند سليمان عليه السلام دون قصد، ففهم سليمان الذي علمه اللّه منطق الطير والدواب كلامها، وتبسم ضاحكا من قولها، ودعا ربه أن يلهمه شكره على ما أنعم به عليه.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه :
١ - أنها كالتتمة لها في بيان بقية قصص الأنبياء، وهي قصة داود وسليمان عليهما السلام.
٢ - أن فيها تفصيلا لما أجمل في سورة الشعراء من القصص النبوي، وهي قصة موسى في الآيات [٧ - ١٤] وقصة صالح في الآيات [٤٥ - ٥٣] ولوط في الآيات [٥٤ - ٥٨].
٣ - نزلت هذه السور الثلاث (الشعراء، والنمل، والقصص) متتالية على هذا الترتيب، وذلك كاف في ترتيبها في المصحف على هذا النحو. روي عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب نزول السور : أن الشعراء، ثم طس، ثم القصص. كما يوجد تشابه بينها في البداية والافتتاح (طسم، الشعراء، طس، النمل، طسم، القصص) ولعل التشابه بين الأولى والثالثة، والاختلاف الجزئي في الثانية دليل على تأكيد المقصود بهذه الحروف المقطعة وهو تحدي العرب بالقرآن الذي تكوّن من حروف لغتهم المتركبة في جمل، بزيادة أحيانا ونقص أحيانا من تلك الحروف.
٤ - كذلك وجد التشابه الموضوعي بينهما في وصف القرآن وتنزيله من عند اللّه لأنه قال في بداية الشعراء : تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ وقال هنا :
تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ وقال في أواخر الشعراء : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وقال هنا : تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ أي الذي هو تنزيل رب العالمين.
٥ - تلتقي السورتان في بيان وحدة القصد من القصص القرآني، وهو تسلية الرسول - ﷺ - عما يلقاه من أذى قومه، وإعراضهم عنه.
مشتملاتها :
هذه السورة المكية تتفق مع أغراض السور المكية في بيان أصول العقيدة :
وهي التوحيد، والنبوة، والبعث، وإثبات كون القرآن الكريم منزلا من عند اللّه العزيز الحكيم.
وإسهاما في توضيح تلك الأغراض أبانت السورة معجزة النبي محمد - ﷺ - الخالدة، وهي تنزيل القرآن المجيد هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين، ثم سردت وقائع مثيرة من قصص الأنبياء : موسى، وداود، وسليمان، وصالح، ولوط، عليهم السلام، تبين مدى ما تعرّض له موسى وصالح ولوط من أذى أقوامهم،