قال - تعالى - : وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ، إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ، وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.
وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا، وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ، لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.
(د) اهتمت السورة اهتماما واضحا، ببيان مظاهر قدرة اللّه - تعالى - في هذا الكون، هذه القدرة التي نراها في إهلاك الظالمين والمغرورين، حتى ولو ساندتهم جميع قوى الأرض.
كما نراها في الرد على كفار مكة الذين زعموا، أن اتباعهم للحق يؤدى إلى تخطفهم والاعتداء عليهم وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا، أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها، فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا، وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ، وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا، وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ..
والخلاصة، أن سورة القصص على رأس السور المكية، التي حضت المؤمنين على الثبات والصبر، وساقت لهم من أخبار السابقين، ما يزيدهم إيمانا على إيمانهم. ويقينا على يقينهم، بأن اللّه - تعالى - سيجعل العاقبة لهم.. (١)
في السورة تفصيل عن نشأة موسى عليه السلام ورسالته إلى فرعون، تخلّله مواعظ وعبر، وفيها إشارة إلى قارون بسبيل ضرب المثل، وفيها صور عن مواقف الكفار والكتابيين من الدعوة وتنديد بالأولين وتحدّ لهم وتنويه بالآخرين الذين أعلنوا إيمانهم بالنبي - ﷺ - والقرآن، وفيها صور عن حجاج الكفار ومخاوفهم من عواقب الدعوة وتسلية للنبي - ﷺ - وتثبيت وتطمين وخطة حازمة له إزاء الكفار والمشركين ومبادئ عامة في واجبات الإنسان والإهابة به إلى عدم الاستغراق في الدنيا ومواعظ وتلقينات اجتماعية وأخلاقية.
وفصول السورة مترابطة بحيث يسوّغ القول إنها نزلت متلاحقة حتى تمّت.
وقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآيات [٥٢ - ٥٥] مدنية، وأن الآية [٨٥] نزلت في طريق هجرة النبي - ﷺ - إلى المدينة. ومضامين الآيات وانسجامها مع سياقها يسوّغ الشك في صحة الروايات. (٢)
سورة القصص مكية، وهي ثمان وثمانون آية
تسميتها :

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٠ / ٣٦٩)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٣ / ٣٠٨)


الصفحة التالية
Icon