يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
٦ - هذا، والمتأمل في هذه السورة الكريمة، يراها قد خاطبت النفس البشرية، بما من شأنه أن يسعدها ويحييها حياة طيبة.
إنها قد بينت أوصاف المؤمنين الصادقين، وأوصاف أعدائهم : وبينت عاقبة الأخيار وعاقبة الأشرار، ووضحت تلك الوصايا الحكيمة التي أوصى بها لقمان ابنه وأحب الناس إليه، وساقت أنواعا من النعم التي أنعم بها - سبحانه - على عباده، وبينت أن هناك أمورا لا يعلمها إلا اللّه - تعالى - وحده.
وقد ساقت السورة ما ساقت من هدايات، بأسلوب بليغ مؤثر، يرضى العواطف، ويقنع العقول.. (١)
في السورة تنويه بالمؤمنين المحسنين وتقريع للكافرين المعطلين المستكبرين. وحكاية لبعض أقوالهم. وردود مفحمة عليهم وإشارة إلى لقمان وحكمته وجملة من مواعظ لابنه على سبيل ضرب المثل والحث على كريم الأخلاق والمبادئ. واستدراك في صدد طاعة الوالدين وتنويه بعظمة اللّه وسوابغ نعمه على الناس. وحث على الاستجابة إلى الدعوة وعدم إضاعة الفرصة. وتنديد بتمسك المشركين بتقاليد الآباء رغم سخفها وبطلها.
وأسلوب السورة وترابط فصولها يسوغان القول إنها نزلت دفعة واحدة أو فصولا متتابعة.
وقد روى المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [٢٧ - ٢٩] مدنية والرواية تتحمل التوقف لانسجام الآيات وتواثقها مع سائر الآيات السابقة واللاحقة لها. (٢)
سورة لقمان مكية، وهي أربع وثلاثون آية.
تسميتها :
سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصة (لقمان الحكيم) الذي أدرك جوهر الحكمة، بمعرفة وحدانية اللّه وعبادته، والأمر بفضائل الأخلاق والآداب، والنهي عن القبائح والمنكرات.
موضوعها :
تضمنت الكلام عن موضوعات السور المكية وهي إثبات أصول العقيدة من الإيمان باللّه ووحدانيته، وتصديق النبوة، والإقرار بالبعث واليوم الآخر.
وسبب نزولها أن قريشا سألت النبي - ﷺ - عن قصة لقمان مع ابنه وعن بره والديه، فنزلت.
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٢٤٠)