وأن يعتبر هذا المركب الإضافي اعتبار العلم مثل: عبد الله، ويعتبر مجموع ذلك المركب الإضافي مضافا إلى السجدة إضافة المفردات، وهو استعمال موجود، ومنه قول تأبط شرا:

إني لمهد من ثنائي فقاصد به لبن عم الصدق شمس بن مالك
إذ أضاف مجموع "ابن عم" إلى "الصدق"، ولم يرد إضافة عم إلى الصدق. وكذلك قول أحد الطائيين في "ديوان الحماسة" :
داو ابن السوء بالنأي والغنى كفى بالغنى والنأي عنه مداويا
فإنه ما أراد وصف عمه بالسوء ولكنه أراد وصف ابن عمه بالسوء. فأضاف مجموع ابن عم إلى السوء، ومثله قول رجل من كلب في "ديوان الحماسة" :
هنيئا لابن عم السوء أني مجاوره بني ثعل لبوني
وقال عيينة بن مرداس في "الحماسة" :
فلما عرفت اليأس منه وقد بدت أيادي سبا الحاجات للمتذكر
فأضاف مجموع "أيادي سبا" وهو كالمفرد لأنه جرى مجرى المثل إلى الحاجات. وقال بعض رجازهم:
أنا ابن عم الليل وابن خاله إذا دجى دخلت في سرباله
فأضاف "ابن عم" إلى لفظ "الليل"، وأضاف "ابن خال" إلى ضمير "الليل" على معنى أنا مخالط الليل، ولا يريد إضافة عم ولا خال إلى الليل. ومن هذا اسم عبد الله بن قيس الرقيات، فالمضاف إلى "الرقيات" هو مجموع المركب إما "عبد الله"، أو "ابن قيس"
لا أحد مفرداته. وهذه الإضافة قريبة من إضافة العدد المركب إلى من يضاف إليه مع بقاء اسم العدد على بنائه كما تقول: أعطه خمسة عشره.
وتسمى هذه السورة أيضا سورة المضاجع لوقوع لفظ "المضاجع" في قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦].
وفي "تفسير القرطبي" عن "مسند الدرامي" أن خالد بن معدان سماها: المنجية. قال: بلغني أن رجلا يقرؤها ما يقرأ شيئا غيرها، وكان كثير الخطايا فنشرت جناحها وقالت: رب اغفر له فإنه كان يكثر من قراءتي فشفعها الرب فيه وقال: اكتبوا له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة اهـ. وقال الطبرسي: تسمى "سورة سجدة لقمان" لوقوعها بعد سورة لقمان لئلا تلتبس بسورة "حم السجدة"، أي كما سموا سورة "حم السجدة" وهي سورة فصلت "سورة سجدة المؤمن" لوقوعها بعد سورة المؤمنين.
وهي مكية في إطلاق أكثر المفسرين وإحدى روايتين عن ابن عباس، وفي رواية أخرى عنه استثناء ثلاث آيات مدنية وهي: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً﴾ إلى ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: ١٨- ٢١].


الصفحة التالية
Icon