مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ، وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ. وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا، وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ.
٦ - ثم حضت السورة الكريمة المشركين على التدبر والتفكر في آيات اللّه - تعالى -، ونهتهم عن الجحود والعناد، وحكت جانبا من سفاهاتهم، وأمرت النبي - ﷺ - بأن يرد عليهم، وأن يمضى في طريقه دون أن يعير سفاهاتهم اهتماما.
قال - تعالى - : وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.
٧ - وبعد فهذا عرض إجمالى لسورة « السجدة » ومنه نرى أنها زاخرة بالأدلة على وحدانية اللّه - تعالى - وقدرته، وعلى أن القرآن حق، والبعث حق، والحساب حق، والجزاء حق.. (١)
في السورة توكيد بصلة القرآن بالوحي الإلهي وردّ على الكفار على نسبتهم افتراءه للنبي عليه السلام. وتنويه بقدرة اللّه في مشاهد الكون ونواميس الخلق للبرهنة على استحقاقه وحده للعبادة والخضوع. وحكاية لشكوك الكفار بالبعث والحساب وحملة عليهم ومقايسة بين مصيرهم ومصير المؤمنين. وإشارة إلى رسالة موسى وفضل اللّه على بني إسرائيل حينما صبروا واتبعوا آيات اللّه. وتثبيت وتطمين للنبي عليه السلام.
وآيات السورة متساوقة ومنسجمة مما يسوغ القول إنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة. وقد روي أن الآيات [١٦ - ٢٠] مدنية، وانسجامها مع ما قبلها سبكا وموضوعا يسوغ الشك في الرواية. (٢)
سورة السجدة مكية، وهي ثلاثون آية.
تسميتها وفضلها :
سميت سورة السجدة لما فيها من وصف المؤمنين الذين يسجدون للّه تعالى ويسبحونه عند سماع آيات القرآن العظيم : إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً، وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ [١٥].
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : كان النبي - ﷺ - يقرأ في الفجر يوم الجمعة الم تَنْزِيلُ السجدة، وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ [الإنسان ٧٦/ ١].
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٥ / ٣٤٠)