وروى الإمام أحمد عن جابر رضي اللّه عنه قال : كان النبي - ﷺ - لا ينام حتى يقرأ الم تَنْزِيلُ السجدة، وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك ٦٧/ ١].
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها وهي سورة لقمان من ناحية اشتمال كل منهما على أدلة التوحيد وهو الأصل الأول للعقيدة، وبعد أن ذكر اللّه تعالى في السورة المتقدمة الأصل الثاني وهو الحشر أو المعاد، وختم تلك السورة بهذين الأصلين، بدأ هذه السورة ببيان الأصل الثالث وهو الرسالة أو النبوة، فقال تعالى : الم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ... كذلك تعد بعض آيات هذه السورة شرحا وتفصيلا للسورة السالفة، فقوله تعالى هنا : ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [٥] توضيح لقوله تعالى في بيان مفاتح الغيب هناك : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [٣٤].
وقوله سبحانه هنا : أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [٢٧] تفصيل لقوله هناك : وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [٣٤].
وقوله هنا : الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [٧] شرح لقوله هناك : وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ [٣٤].
وقوله هنا : يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [٥] شرح لقوله هناك : وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً [٣٤].
وقوله هنا : أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ إلى قوله : قُلْ : يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [١٠ - ١١] إيضاح لقوله : وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [٣٤].
موضوعها :
موضوع هذه السورة كموضوع سائر السور المكية وهو إثبات أصول الاعتقاد :«الإيمان باللّه واليوم الآخر والكتب والرسل والبعث والجزاء» ومحور الكلام إثبات (البعث) بعد الموت الذي أنكره المشركون والماديون، واتخذوه سببا لتكذيب النبي - ﷺ -.
مشتملاتها :
افتتحت السورة بتقرير كون القرآن العظيم بلا أدنى شك هو كتاب اللّه المنزل على رسوله - ﷺ -، وإثبات رسالة النبي - ﷺ -، وإبطال مزاعم المشركين بأن الرسول افترى هذا القرآن، وبيان أنه لم يأتهم رسول مثله قبله.
ثم أوردت السورة أدلة وحدانية اللّه وقدرته من تدبيره الكون، وخلقه الإنسان ورعايته له في أطواره التي يمر بها، ثم بعثه الخلق مرة أخرى ليوم مقداره ألف سنة مما تعدّون، بأسلوب يرد على إنكار المشركين


الصفحة التالية
Icon