البعث والنشور، لظنهم بسبب عجزهم أن التفتت إلى ذرّات مبعثرة مشتتة يحيل بعدئذ تجمعها وإعادتها إلى خلق جديد.
ثم وصفت السورة حال المجرمين الكافرين وحال المؤمنين الطائعين للّه، فالأولون تلبسهم الذلة والمهانة، ويتمنون الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحا، ويذوقون العذاب الأليم. والمؤمنون لا تفارقهم في الدنيا الطاعة في الليل والنهار، ويدعون ربهم خوفا وطمعا، وينفقون أموالهم في مرضاة اللّه، ولهم في الآخرة جزاء عملهم الثواب الجزيل، والفضل العظيم الذي تقرّ به أعينهم، وجنات المأوى والاستقرار والخلود.
وعقّبت السورة على حال هذين الفريقين باستبعاد التسوية بينهما إذ لا يعقل مكافأة العصاة كمكافأة الطائعين.
ثم ختمت السورة بتقرير ما بدأت به، فذكرت الرسالة، وأبانت الهدف من إنزال التوراة على موسى عليه السلام، وهو هداية بني إسرائيل، تنبيها على وجه الشبه بين رسالة محمد ورسالة موسى عليهما الصلاة والسلام.
ثم ذكرت التوحيد والقدرة وأقامت البرهان عليهما بإهلاك الأمم الظالمة في الماضي، وأخيرا أكدت حدوث الحشر الذي استبعد الكفار حصوله.
فصار مطلع السورة ومضمونها وخاتمتها إثبات أصول العقيدة وهي كما ذكرت : التوحيد، والرسالة، والبعث. (١)
وهي مكية غير ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة : وهي قول اللّه تعالى : أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ إلى قوله تعالى : وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ الآية ١٨ : ٢٠، وعدد آياتها ثلاثون آية، روى البخاري عن ابن عباس وأبى هريرة أن النبي - ﷺ - كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة الم تَنْزِيلُ السجدة، وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ
وروى أن النبي - ﷺ - كان لا ينام حتى يقرأ سورتي (السجدة وتبارك).
وهي تهدف إلى تقرير توحيد اللّه بما تعرض من صفحة الكون وما فيه من عجائب ونشأة الإنسان، وما سيكون من مشاهد القيامة، وما لقيه السابقون، وكذلك تقرر صدق الرسول محمد - ﷺ - الموحى إليه بهذا القرآن لهداية البشر. وكذلك تقرر البعث والحساب بما يقطع حجتهم ويزيل شكهم. (٢)

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢١ / ١٨٢) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢١ / ١٠٣)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٥٨)


الصفحة التالية
Icon