وجه مناسبتها لما قبلها اشتمال كل على دلائل الألوهية، وفي البحر لما ذكر سبحانه فيما قبل دلائل التوحيد وهو الأصل الأول ثم ذكر جلّ وعلا المعاد وهو الأصل الثاني وختم جل شأنه به السورة ذكر تعالى في بدء هذه السورة الأصل الثالث وهو النبوة وقال الجلال السيوطي في وجه الاتصال بما قبلها : إنها شرح لمفاتيح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة ما قبل، فقوله تعالى : ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [السجدة : ٥] شرح قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [لقمان : ٣٤] ولذلك عقب بقوله سبحانه : عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [السجدة : ٦] وقوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [السجدة : ٧] شرح قوله سبحانه : وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [لقمان : ٣٤] وقوله تبارك وتعالى : الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [السجدة : ٧] الآيات شرح قوله جل جلاله : وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ [لقمان : ٣٤] وقوله عزّ وجلّ : يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [السجدة : ٥] وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها [السجدة : ١٣] شرح قوله تعالى : وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وقوله جلّ وعلا : أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ [السجدة : ١٠] إلى قوله تعالى : قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة : ١١] شرح قوله سبحانه : وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان : ٣٤] اه، ولا يخلو عن نظر، وجاء في فضلها أخبار كثيرة... (١)
سورة السجدة مكية، وهي كسائر السور المكية تعالج أصول العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله، واليوم الآخر، والكتب والرسل، والبعث والجزاء) والمحور الذي تدور عليه السور الكريمة، هو موضوع (البعث بعد الفناء) الذي طالما جادل المشركون حوله، واتخذوه ذريعة لتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام.
* تبتدىء السورة الكريمة بدفع الشك والارتياب عن القرآن العظيم، المعجزة الكبرى لرسول الله ( - ﷺ - ) الذي لا تحوم حول ساحته الشبهات والأباطيل، ومع وضوح إعجازه، وسطوع آياته، وإشراقة بيانه، وسمو أحكامه، اتهم المشركون الرسول بأنه افترى هذا القرآن، واختلقه من تلقاء نفسه، فجأءت السورة الكريمة ترد هذا البهتان، بروائع الحجة والبرهان [ الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه.. ] الآيات.
* ثم تحدثت السورة عن دلائل القدرة والوحدانية، ببيان آثار قدرة الله قي الكائنات العلوية والسفلية، على طريقة القرآن في لفت الأنظار إلى إبداع الواحد القهار [ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام.. ] الآيات.

(١) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١١ / ١١٣)


الصفحة التالية
Icon