وختمت السورة بتقريع المشركين في عبادتهم الأوثان والأصنام، وأنذرتهم بعاقبة الذين من قبلهم الذين كانوا أشد منهم قوة، وقرنت هذا الإنذار برحمة اللّه العامة للناس جميعا حيث لم يعاجلهم العقوبة، وإنما يؤخرهم إلى أجل مسمى. (١)
مكية عند الجميع، وآياتها خمس وأربعون آية، نزلت بعد الفرقان. ويدور الكلام فيها حول العقيدة السليمة من وصف للّه بما يستحق، ومن خطاب الرسول بما يثبت قلبه. ومن لفت أنظار الناس إلى الكون وما فيه من آيات تدل على قدرة اللّه على البعث، وفي خلال ذلك هدد المشركين وتوعدوهم. (٢)
المناسبة على ما في البحر أنه عزّ وجلّ لما ذكر في آخر السورة المتقدمة هلاك المشركين أعداء المؤمنين وإنزالهم منازل العذاب تعين على المؤمنين حمده تعالى وشكره كما في قوله تعالى : فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الأنعام : ٤٥] وينضم إلى ذلك تواخي السورتين في الافتتاح بالحمد وتقاربهما في المقدار وغير ذلك. (٣)
* سورة فاطر مكية نزلت قبل هجرة رسول الله ( - ﷺ - )، وهي تتناول الغرض العام، الذي نزلت من أجله الآيات المكية، وهي قضايا العقيدة الكبرى (الدعوة إلى توحيد الله، وإقامة البراهين على وجوده، وهدم قواعد الشرك، والحث على تطهير القلوب من الرذائل، والتحلي بمكارم الأخلاق ).
* تحدثت السورة الكريمة في البدء عن الخالق المبدع، الذي فطر الأكوان، وخلق الملائكة والإنس والجان، وأقامت الأدلة والبراهين على البعث والنشور، في صفحات هذا الكون المنظور، بالأرض تحيا بعد موتها، بنزول الغيث، وبخروج الزروع والفواكه والثمار، وبتعاقب الليل والنهار، وفي خلق الإنسان في أطوار، وفي إيلاج الليل في النهار، وغير ذلك من دلائل القدرة والوحدانية [ والله الذي أرسل الرياح فتمير سحابا فسقناه إلى بلد ميت.. ] الآيات.
* وتحدثت عن الفارق الكبير بين المؤمن والكافر، وضربت لهما الأمثال بالأعمى والبصير، والظلمات والنور، والظل والحرور [ وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور.. ] الآيات.
* ثم تحدثت عن دلائل القدرة في اختلاف أنواع الثمار، وفي سائر المخلوقات من البشر والدواب والأنعام، وفي اختلاف أشكال الجبال والأحجار، ولنوعها ما بين أبيض وأسود وأحمر، وكلها ناطقة
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٥١)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١١ / ٣٣٤)