مدى (الإيمان والابتلاء والتضحية) فإنه بادر لتنفيذ أمر ربّه، ممتحنا صبره، مجتازا بالإيمان والصدق محنة الابتلاء، مضحيّا في سبيل رضوان اللّه بابنه الذي رزقه، فأكرمه اللّه بالفداء الذي جعل سنّة في الأضحية.
كذلك فصلت السورة قصة يونس عليه السلام العجيبة، وإنقاذه من بطن الحوت، لتوبته وكونه من الذاكرين اللّه، المصلّين له.
وختمت السورة بالإشارة إلى ما بدئت به من وصف الملائكة بأنهم الصّافون المسبّحون، وبيان نصرة اللّه لأنبيائه وأوليائه في الدنيا والآخرة، ومدح المرسلين وسلام اللّه عليهم، وتنزيه اللّه عن أوصاف المشركين، وثناؤه على نفسه وحمده لذاته بأنه رب العزة ورب العالمين. (١)
مكية بالإجماع وآياتها ثنتان وثمانون ومائة. وهي كباقي السور المكية فيها الكلام على التوحيد وإثبات البعث. والتعرض للمشركين وأحوالهم في الدنيا والآخرة والتعرض لإثبات النبوة. والكلام على المؤمنين وأحوالهم في الدنيا والآخرة. مع ذكر قصص بعض الأنبياء وأممهم، ثم كان ختام السورة مع مشركي مكة. وتقوية عزيمة المسلمين. وتوهين عضد الكافرين. (٢)
مكية ولم يحكوا في ذلك خلافا وهي مائة وإحدى وثمانون آية عند البصريين ومائة واثنتان وثمانون عند غيرهم، وفيها تفصيل أحوال القرون المشار إلى إهلاكها في قوله تعالى في السورة المتقدمة أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ [يس : ٣١] وفيها من تفصيل أحوال المؤمنين وأحوال أعدائهم الكافرين يوم القيامة ما هو كالإيضاح لما في تلك السورة من ذلك، وذكر فيها شيء مما يتعلق بالكواكب لم يذكر فيما تقدم، ولمجموع ما ذكر ذكرت بعدها. وفي البحر مناسبة أول هذه السورة لآخر سورة يس أنه تعالى لما ذكر المعاد وقدرته سبحانه على إحياء الموتى وأنه هو منشئهم وأنه إذا تعلقت إرادته بشيء كان ذكر عز وجل هنا وحدانيته سبحانه إذ لا يتم ما تعلقت به الإرادة إيجادا وإعداما إلا بكون المريد واحدا كما يشير إليه قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء : ٢٢] (٣)
* سورة الصافات من السور المكية التي تعني بأصول العقيدة الإسلامية " التوحيد، الوحي، البعث والجزاء " شأنها كشأن سائر السور المكية التي تهدف إلي تثبيت دعائم الإيمان..
*ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن الملائكة الأبرار، الصافات قوائمها في الصلاة، أو أجنحتها في إرتقاب أمر الله، الزاجرين للسحاب يسوقونه حيث شاء الله.. ثم تحدثت عن الجن وتعرضهم للرجم
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٩٧)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٢ / ٦٣)