وقوله - سبحانه - : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ.
وقوله - عز وجل - : أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ. (١)
في السورة دعوة إلى اللّه وحده وتنويه بقدرته وعظمة مشاهد الكون، وحكاية لبعض عقائد المشركين وأقوالهم وحملة عليهم ومقايسات بين المؤمنين والكافرين، وتنويه بالقرآن وأثره في النفوس الطيبة، وتصوير رائع للبعث والقضاء بين الناس. وقد تخلل آيات السورة أمثال ومواعظ ومبادئ عامة، وتلهم بعض آياتها أن فيها إذنا للمؤمنين بالهجرة.
والمقايسات التي فيها جاءت بأسلوب نظمي خاص يجعله خصوصية من خصوصيات السورة، وفصولها مترابطة تسوغ القول إنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة.
وقد روى المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [٥٢ - ٥٤] مدنية، وانسجامها في السياق موضوعا وسبكا يسوغ الشك في ذلك.
ولقد روى الترمذي عَنْ أَبِي لُبَابَةَ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ، " " كَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الزُّمَرَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ " (٢)
حيث ينطوي في الحديث عناية نبوية خاصة بهاتين السورتين لا بد لهما من حكمة قد يكون منها ما احتوتاه من مواعظ وحكم وتنويه بالقرآن. وفي الحديث دلالة على أن هذه السورة كانت تامة الترتيب معروفة الاسم في حياة النبي - ﷺ - (٣).
سورة الزّمر مكيّة، وهي خمس وسبعون آية.
تسميتها : سميت سورة الزمر لأن اللّه تعالى ذكر في آخرها زمرة الكفار الأشقياء مع الإذلال والاحتقار [٧١ - ٧٢] وزمر المؤمنين السعداء مع الإجلال والإكرام [٧٣ - ٧٥].
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها وهي سورة ص من وجهين :

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٢ / ١٨٧)
(٢) - سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ ـ الْجَامِعُ الصَّحِيحُ (٣٤٧٩ ) حسن
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٢٩٧)


الصفحة التالية
Icon