الأول - إنه تعالى ختم سورة ص واصفا القرآن بقوله : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وابتدأ هذه السورة بقوله : تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ فكأنه قيل : هذا الذكر تنزيل، فهما كالآية الواحدة، بينهما اتصال وتلاحم شديد.
الثاني - ذكر تعالى في آخر ص قصة خلق آدم عليه السلام، وذكر في القسم الأول من هذه السورة أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد، متصلا بخلق آدم المذكور في السورة المتقدمة.
مشتملاتها :
موضوع هذه السورة الحديث عن التوحيد وأدلة وجود اللّه ووحدانيته، وعن الوحي والقرآن العظيم.
ابتدأت هذه السورة ببيان تنزيل القرآن الكريم من اللّه تعالى على رسوله ص، وأمر الرسول ص بإخلاص الدين للّه، وتنزيه اللّه عن مشابهة المخلوقات، وتوضيح شبهة المشركين في اتّخاذ الأصنام آلهة شفعاء، وعبادتها وسيلة إلى اللّه تعالى، والنّعي عليهم في عبادة الأوثان.
وأردفت ذلك بإقامة الأدلة على وحدانية اللّه، من خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، وخلق الإنسان في أطوار مختلفة متعاقبة، ثم نددت بطبيعة المشرك وتناقضه حين يدعو اللّه حال الضر، وينساه حال الرخاء. ثم عادت لإيراد بعض هذه الأدلة كإنزال المطر وإنبات النبات.
ثم ذكرت مقارنة بين المؤمنين وبين الكافرين، حيث يسعد الأوائل في الدنيا والآخرة، ويشقى الآخرون فيهما، ويتمنون الفداء حين يرون العذاب.
وأشادت بعظمة القرآن الكريم حيث تقشعر من آياته جلود المؤمنين الخائفين، ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر اللّه، على عكس المشركين الذين تنقبض قلوبهم عند سماع توحيد اللّه، كما أن القرآن يتضمن أمثالا للناس لعلهم يتذكرون.
ومن هذه الأمثال يتضح الفرق بين من يعبد إلها واحدا، وبين من يعبد آلهة متعددة لا تسمع ولا تجيب، كالعبد المملوك لسيد واحد، والمملوك لعدة شركاء متخاصمين فيه. ثم رد تعالى على المشركين الذين يتخذون الأصنام شفعاء من دون اللّه، ولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون.
وأخبر اللّه تعالى عن موت النّبي ص وموت أصحابه، وأن اللّه هو المهيمن على الأرواح، فيتوفّى بعضها في أجلها، ويترك بعضها إلى أجل آخر.
ثم فتح باب الأمل أمام المسرفين، ووعدهم بمغفرة ذنوبهم إذا تابوا، وأوضح ما يرى على وجوه الذين كذبوا على اللّه أهل النار يوم القيامة من كآبة وحزن.


الصفحة التالية
Icon