وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه منه وخلق الناس كلهم منه وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقا من بعد خلق ثم ذكر أنهم ميتون ثم ذكر سبحانه القيامة والحساب والجنة والنار وختم بقوله سبحانه :
وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الزمر : ٧٥] فذكر جل شأنه أحوال الخلق من المبدأ إلى آخر المعاد متصلا بخلق آدم عليه السلام المذكور في السورة قبلها وبين السورتين أوجه أخر من الربط تظهر بالتأمل فتأمل. (١)
*سورة الزمر مكية، وقد تحدثت عن (عقيدة التوحيد) بالاسهاب، حتى لتكاد تكون هي المحور الرئيسي للسورة الكريمة، لأنها أصل الإيمان، وأساس العقيدة السليمة، وأصل كل عمل صالح، وبدون الإيمان لا يقبل عمل ولا يرفع.
*ابتدأت السورة بالحديث عن القرآن (المعجزة الكبري ) الدائمة الخالدة لمحمد بن عبد الله، وأمرت الرسول باخلاص الدين لله، وتنزيهه جل وعلا عن مشابهة المخلوقين، وذكرت شبهة المشركين في عبادتهم للأوثان وإتخاذهم شفعاء، وردت على ذلك بالدليل القاطع [ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين.. ] الآيات.
* ثم ذكرت الأدلة والبراهين علي وحدانية رب العالمين، في إبداعه لخلق السموات والأرض، وفي ظاهرة الليل والنهار، وفي تسييره للشموس والأقمار، وفي خلق الإنسان في أطوار في ظلمات الأرحام، وكلها براهين ساطعة على قدرة الله ووحدانية [ خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار.. ] الآيات.
* وتناولت السورة موضوع العقيدة بوضوح وجلاء، وكشفت عن مشهد الخسران المبين للكفرة المجرمين في دار الجزاء، حيث يذوقون ألوان العذاب، وتغشاهم ظلل من النار من فوقهم ومن تحتهم [ لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون.. ] الآيات.
*وذكرت السورة مثلا يوضح الفارق الكبير بين من يعبد إلها واحدا، ومن يعبد آلهة متعددة، لا تسمع ولا تستجيب، وهو مثل للعبد الذي يملكه شركاء متخاصمون، والعبد الذي يملكه سيد واحد، ثم ذكرت حالة المشركين النفسية عندما يسمعون توحيد الله تنقبض قلوبهم، وإذا سمعوا ذكر الطواغيت هشوا وبشوا [ ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل، هل يستويان مثلا ؟ الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.. ] الآيات.