والسور المفتتحة بكلمة ﴿حم﴾ سبع سور مرتبة في المصاحف على ترتيبها في النزول ويدعى مجموعها "آل حم" جعلوا لها اسم "آل" لتآخيها في فواتحها. فكأنها أسرة واحدة وكلمة "آل" تضاف إلى ذي شرف "ويقال لغير المقصود تشريفه أهل فلان" قال الكميت:
قرأنا لكم في آل حاميم آية... تأولها منا فقيه ومعرب
يريد قول الله تعالى في سورة "حم عسق" ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣]على تأويل غير ابن عباس فلذلك عززه بقوله: تأولها منا فقيه ومعرب.
وربما جمعت السور المفتتحة بكلمة ﴿حم﴾ فقيل ألحوا ميم جمع تكسير على زنة فعاليل لأن مفرده على وزن فاعيل وزنا عرض له من تركيب اسمي الحرفين: حا، ميم فصار كالأوزان العجمية مثل "قابيل" و "راحيل" وما هو بعجمي لأنه وزن عارض لا يعتد به. وجمع التكسير على فعاليل يطرد في مثله. وقد ثبت أنهم جمعوا ﴿حم﴾ على حواميم في أخبار كثيرة عن ابن مسعود، وابن عباس، وسمرة بن جندب، ونسب في بعض الأخبار إلى النبي - ﷺ - ولم يثبت بسند صحيح. ومثله السور المفتتحة بكلمة ﴿طس﴾ أو ﴿طسم﴾ جمعوها على طواسين بالنون تغليبا. وأنشد أبو عبيدة أبياتا لم يسم قائلها:
حلفت بالسبع الألى قد طولت... وبمئين بعدها قد أمئت
وبثمان ثنيت وكررت... وبالطواسين اللواتي ثلثت
وبالحواميم اللواتي سبعت... وبالمفصل التي قد فصلت
وعن أبي عبيدة والفراء أن قول العامة الحواميم ليس من كلام العرب وتبعهما أبو منصور الجواليقي.
وقد عدت آيها أربعا وثمانين في عد أهل المدينة وأهل مكة، وخمسا وثمانين في عد أهل الشام والكوفة، واثنتين وثمانين في عد أهل البصرة.
أغراض هذه السورة
تضمنت هذه السورة أغراضا من أصول الدعوة إلى الإيمان، فابتدئت بما يقتضي تحدي المعاندين في صدق القرآن كما اقتضاه الحرفان المقطعان في فاتحتهما كما تقدم في أول سورة البقرة[١].
وأجري على اسم الله تعالى من صفاته ما فيه تعريض بدعوتهم إلى الإقلاع عما هم فيه، فكانت فاتحة السور مثل ديباجة الخطبة مشيرة إلى الغرض من تنزيل هذه السورة. وعقب ذلك بأن دلائل تنزيل هذا الكتاب من الله بينة لا يجحدها إلا الكافرون من الاعتراف بها حسدا، وأن جدالهم تشغيب وقد تكرر ذكر المجادلين في آيات الله خمس مرات في هذه السورة، وتمثيل حالهم بحال الأمم التي كذبت رسل الله بذكرهم إجمالا، ثم التنبيه على آثار استئصالهم وضرب المثل بقوم فرعون. وموعظة مؤمن آل فرعون قومه بمواعظ تشبه دعوة محمد - ﷺ - قومه. والتنبيه على دلائل تفرد الله تعالى بالإلهية إجمالا. وإبطال عبادة ما


الصفحة التالية
Icon