يعبدون من دون الله. والتذكير بنعم الله على الناس ليشكره الذين أعرضوا عن شكره. والاستدلال على إمكان البعث. وإنذارهم بما يلقون من هوله وما يترقبهم من العذاب، وتوعدهم بأن لا نصير لهم يومئذ وبأن كبراءهم يتبرؤون منهم. وتثبيت الله رسوله ص بتحقيق نصر هذا الدين في حياته وبعد وفاته. وتخلل ذلك الثناء على المؤمنين ووصف كرامتهم وثناء الملائكة عليهم.
وورد في فضل هذه السورة الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: "من قرأ ﴿حم﴾ المؤمن إلى ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: ١ـ٣] وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح". (١)
مناسبتها لما قبلها
كان فيما اشتملت عليه سورة « الزمر » قوله تعالى :« قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ. أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً.. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».
. ثم كان ختامها القضاء والفصل بين الناس، وإنزال الكافرين منازلهم من النار، وإنزال المؤمنين منازلهم من الجنة.. وبدء هذه السورة ـ غافر ـ يلقى الناس جميعا، بعد أن شهدوا الحساب والجزاء، ورأوا جزاء المحسنين، والمسيئين ـ يلقاهم بكتاب اللّه، الذي هو هداية كل ضال، ومنارة كل سالك إلى طريق النجاة، ثم يلقاهم مع كتاب اللّه بغفران اللّه ورحمته، وقبول توبة التائبين المنيبين إليه، وشدّة عقاب المحادّين له، المكذبين برسله. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « غافر » هي السورة الأربعون في ترتيب المصحف أما ترتيبها في النزول فهي السورة التاسعة والخمسون من السور المكية، وكان نزولها بعد سورة « الزمر ».
ويبدو - واللّه أعلم - أن الحواميم، كان نزولها على حسب ترتيبها في المصحف، فقد ذكر صاحب الإتقان عند حديثه عن المكي والمدني من القرآن، وعن ترتيب السور على حسب النزول.. ذكر سورة الزمر، ثم غافر، ثم فصلت، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف.
٢ - والمحققون من العلماء على أن سورة « غافر » من السور المكية الخالصة، وقد حكى أبو حيان الإجماع على ذلك، كما أن الإمام ابن كثير قال عنها بأنها مكية دون أن يستثنى منها شيئا.
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٢ / ١٢٠٢)