كثر في هذه السور ذكر القرآن على سبيل التنويه والتعظيم وفي معرض لجاج الكفار فيه وفي طرق وحيه ولعل ما روي متصل بذلك.
وفصول هذه السورة مترابطة مما يسوغ القول أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة، ولقد روى المصحف الذي اعتمدناه أن الآيتين [٥٦ - ٥٧] مدنيتان والرواية تتحمل الشك والتوقف. (١)
سورة غافر أو : المؤمن مكيّة، وهي خمس وثمانون آية.
تسميتها : تسمى هذه السورة سورة غافر، لافتتاحها بتنزيل القرآن من اللّه غافر الذنب وقابل التوب، والغافر من صفات اللّه وأسمائه الحسنى. وتسمى أيضا سورة (المؤمن)، لاشتمالها على قصة مؤمن آل فرعون.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبه هذه السورة لما قبلها من ناحيتين :
الأولى - التشابه في الموضوع : فقد ذكر في كل من السورتين أحوال يوم القيامة وأحوال الكفار في يوم المحشر.
الثانية - الترابط بين خاتمة السورة السابقة ومطلع هذه السورة، فقد ذكر في نهاية سورة الزمر أحوال الكفار الأشقياء والمتقين السعداء، وافتتحت سورة غافر بأن اللّه غافر الذنب لحث الكافر على الإيمان وترك الكفر.
ومناسبة الحواميم السبع لسورة الزمر : تشابه الافتتاح بتنزيل الكتاب ورتبت الحواميم إثر بعضها، لاشتراكها بفاتحة حم وبذكر الْكِتابِ بعد حم وأنها مكية، بل ورد في حديث أنها نزلت جملة واحدة، وفيها شبه من ترتيب ذوات (الراء) الست. ذكر السيوطي عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب السور : أن الحواميم نزلت عقب الزمر، وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف : المؤمن، ثم السجدة، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف، ولم يتخللها نزول غيرها، وذلك مناسبة واضحة لوضعها هكذا...
سورة غافر والحواميم السبع مكية، فهي تعنى بأصول العقيدة كسائر السور المكية، لذا جاءت آياتها عنيفة شديدة التأثير لإثبات وحدانية اللّه وتنزيل القرآن والبعث، ووصف ملائكة العرش، وإنهاء الصراع بين أهل الحق وبين أهل الباطل أو فريق الهدى وفريق الضلال.