ابتدأت بوصف القرآن العظيم بأنه المنزّل من عند اللّه بلسان عربي مبين، والذي يبيّن أدلة قدرة اللّه وتوحيده، وكونه المبشّر المنذر، والذي يثبت صدق النّبي محمد ص فيما جاء به من عند ربّه.
وأبانت موقف المشركين وإعراضهم عن تدبّره، وقررت حقيقة الرسول ص وأنه بشر خصّه اللّه تعالى بالوحي المتضمن إعلان وحدانية اللّه عزّ وجلّ، وإيضاح جزاء الكافرين وجزاء المؤمنين الذين عملوا الصالحات.
ثم أنكرت على المشركين الكفر، وأقامت الأدلة على وحدانية اللّه من خلق السموات والأرض، وأنذرتهم بإنزال عقاب مماثل لعقوبة الأمم الغابرة، كعاد وثمود الذين أهلكوا ودمرت ديارهم بسبب تكذيب رسل اللّه، ولكن بعد إنجاء المؤمنين المتّقين.
وحذّرت من حساب القيامة، وأخبرت بأن أعضاء الإنسان تشهد عند الحشر على أصحابها، وأن قرناء السوء زيّنوا لهم أعمالهم، وأنّهم هم صدّوا عن سبيل اللّه ودينه، وقالوا : لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ وطلبوا إهانة من أضلوهم ليكونوا من الأسفلين.
وفي مواجهة أولئك أشاد تعالى بأهل الاستقامة وبشّرهم بالجنة والكرامة، ووصف من يلقّى الجنة وهم الصابرون على طاعة اللّه تعالى.
ثم عاد اللّه تعالى إلى إيراد أدلة أخرى من إيجاد العالم العلوي والسفلي على وجود اللّه ووحدانيته وقدرته، وبيان إحكام القرآن وكونه كتاب هداية وشفاء ورحمة، وأن من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها دون جور ولا ظلم.
وأعقب ذلك التعريف بعلم اللّه المحيط بكل شيء، والإشارة لعظيم قدرته، والكشف عن طبع الإنسان من التّكبر عند الرّخاء، والتّضرع عند الشدة والعناء.
وختمت السورة بوعد اللّه أن يطلع الناس في كل زمان على بعض أسرار الكون والتّعرف على آيات اللّه في الآفاق والأنفس الدالة على الوحدانية والقدرة الإلهية، ثم ذكرت أن المشركين يشكون في البعث والحشر، ولكن اللّه محيط بهم وبكل شيء، وذلك ردّ حاسم عليهم. (١)
وتسمى سورة السجدة، أو سورة المصابيح، وهي مكية عند الجميع، وعدد آياتها أربع وخمسون آية.. وتشتمل هذه السورة على الكلام على القرآن، وموقف المشركين منه والتعرض لمظاهر القدرة في خلق الأرض والسماء، ثم تهديد المشركين بمثل ما حل بعاد وثمود، وتهديدهم بما يحصل لهم يوم القيامة، ثم الكلام على المؤمنين المستقيمين وبيان نهايتهم في الدنيا والآخرة وذكر بعض أخلاقهم، ثم ذكر بعض آياته

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٤ / ١٧٩) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٤ / ١٠٢)


الصفحة التالية
Icon