(٣)- جاء فى سورة النمل فى سياق حديث بلقيس مع قومها حين كانت تشاور فى أمر سليمان عليه السلام أقول: فى هذا السياق جاء قوله تعالى:
((قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون))( )
قال الجمهور عن هذه الآية : إن الوقف على (أذلة) وقف تام. وقال غيرهم: بل الوقف على (وكذلك يفعلون) وليس على (أذلة) فأما على رأى الجمهور فإن كلام بلقيس قد انتهى عند (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) ثم جاء هذا التذييل (وكذلك يفعلون) وهو من كلام الله سبحانه تصديقاً لما ذهبت إليه بلقيس من أن الملوك إذا دخلوا قرية من القرى فاتحين لها أو غازين، فإنهم يخرجون أهلها، ويفرقون شملهم، ويتلفون ما فيها من خيرات. وعلى ذلك فهذا التذييل مستأنف وليس معطوفاً على ما قبله.
وأما على رأى غير الجمهور، فتذييل الآية (وكذلك يفعلون) موصول بما قبله على أنه من كلام بلقيس، فالواو إذن للعطف، وما بعدها من جملة مقول القول. وبذلك تكون الجملة كما يقول البيضاوى: تأكيداً لما وصفته - بلقيس - من حال الملوك وتقريراً بأن ذلك من عادتهم المستمرة.( )
وألحق السخاوى بمثل ما سقناه من أمثلة قوله تعالى: ((وله من فى السماوات والأرض ومن عنده))( ) حيث الوقف على (والأرض) تام إن جعل (ومن عنده) مبتدأ وغير تام إن جعل معطوفاً على ما قبله( )، والمعنى هو الذى يحدد حكم الوقف هنا.
(٤) قد يختلف موضع الوقف وحكمه والتفسير معه تبعاً لاختلاف القراءة.
قال فى الإتقان: قد يكون الوقف تاماً فى تفسير، وإعراب، وقراءة غير تام على آخر.( ) وقل مثل ذلك فى بقية أنواع الوقف الأخرى. ويمثل لذلك بقوله تعالى: ((وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى))( )
حيث قرأ نافع وابن عامر (واتَّخَذوا) بفتح الخاء فعلاً ماضياً أريد به الإخبار، وقرأ باقى العشرة (واتخِذوا) بكسر الخاء على أنه فعل أمر.( )


الصفحة التالية
Icon