" القراءة الشاذة - إذا صح سندها - يعمل بها تنزيلاً لها منزلة خبر الآحاد" ([٤٥])
توضيح القاعدة:
عرفنا أن القراءة الشاذة هى التى اختل فيها ركن من أركان القراءة الصحيحة الثلاثة التى سبق ذكرها، غير أن القراءة التى تنزل منزلة الحديث، أو خبر الآحاد هى تلك التى تثبت صحة نقلها عن طريق الثقات، لكنها خالفت العربية من كل الوجوه، أو خالفت جميع المصاحف العثمانية ولو احتمالاً.
فصحة سندها ينزلها منزلة الحديث الصحيح الذى ينبغى العمل بمقتضاه. وهذا مذهب المحققين من العلماء وهو الأولى بالقبول من غيره، حيث نقلنا فى ذلك خلاف بين العلماء فيما سبق.
مثال تطبيقى
قال تعالى فى كفارة اليمين:-
((لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام)) ([٤٦]) هذه هى القراءة المتواترة.
وقرأ -بطريق صحيح ([٤٧]) - أبى بن كعب وابن مسعود: ((فصيام ثلاثة أيام متتابعات))
ولذلك وقع خلاف بين العلماء حول اشتراط التتابع وعدمه متأثراً هذا الخلاف بمدى اعتبار هذه القراءة أو عدم اعتبارها. فمن اعتبرها قال بوجوب التتابع وهم الأحناف والحنابلة ([٤٨])، وأما الشافعية والمالكية، فإنهم لا يشترطون التتابع ؛ لأنهم لا يعتبرون حجية القراءة الشاذة - وإن صح سندها -.
قال ابن العربى: قال مالك والشافعى: يجزئ التفريق، وهو الصحيح، -والكلام لابن العربى- إذ التتابع صفة لا تجب إلا بنص أو قياس على منصوص، وقد عدما فى مسألتنا. ([٤٩])
والراجح هنا رأى الأحناف والحنابلة فى اشتراط التتابع لكونه ماضياً مع القاعدة التى يقبلها العقل السليم، إذ لا اقل من أن تنزل القراءة الصحيحة السند، منزلة الحديث الصحيح - الذى هو خبر آحاد- وإن خالفت العربية أو الرسم العثمانى.