وأما حدبث أنس فكل ما فيه أن النبى -صلى الله عليه وسلم - كان يمد صوته بالبسملة، ولا يلزم من ذلك أن تكون آية.
ومن ثم فقد بان لنا أن كلا الرأيين لم يخلُ من مناقشة وإن كانت مع القول الأول منها أخف منها مع القول الثانى وسوف نذكر الراجح منها بعد ذكر القاعدة.
القاعدة الحاسمة للخروج من هذا الخلاف
نص القاعدة:
"كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواتراً فى اصله وأجزائه، وأيضاً فى محله ووضعه" ([٦٩])
توضيح القاعدة:
ما جاء فى القاعدة من أنه لا يعد قرآناً إلا ما كان متواتراً فى اصله وأجزائه. يعنى يجب أن يكون قد نقل عن طريق جمع عن جمع يؤمن عدم تواطؤهم على الكذب. والمراد بالأصل والأجزاء، بنية الآية المكونة من ألفاظها وتراكيبها. وهذا الجزء متفق عليه بين العلماء جميعاً.
قول القاعدة "وأيضاً فى محله ووضعه" أى فى إثباته وترتيبه فى الموضع الذى هو فيه، وهذا ما عليه المحققون من العلماء.
وبناءً على هذه القاعدة لا تكون البسملة آية لا من الفاتحة ولا من بداية كل سورة بل هى جزء آية من سورة النمل ([٧٠]) إذ لم يتواتر كونها آية فى كل سورة، وإن تواترت كتابتها فى بداية كل سورة، وكذلك قراءتها.
وفرق بين أن تتواتر كتابتها وقراءتها، وبين أن يتواتر كونها قرآناً. والله أعلم.
وفى هذا التوضيح يطيب لى أن أنقل كلام السيوطى فى الإتقان بتمامه فهو نفيس جداً ومقرر للقاعدة ثم أردفه بكلام طيب كذلك للإمام مكى بن أبى طالب.
قال السيوطى: لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواتراً فى أصله وأجزائه، وأما فى محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققى أهل السنة للقطع بأن العادة تقضى بالتواتر فى تفاصيل مثله ؛ لأن هذا المعجز العظيم الذى هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعى على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل آحاداً ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن قطعاً.


الصفحة التالية
Icon