وذهب كثير من الأصوليين إلى أن التواتر شرط فى ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله وليس بشرط فى محله ووضعه وترتيبه، بل يكثر فيها نقل الآحاد.
قيل: وهو الذى يقتضيه صنع الشافعى فى إثبات البسملة من كل سورة.
وردّ هذا المذهب … بأنه لو لم يشترط - التواتر فى المحل والترتيب - لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر - وثبوت كثير مما ليس بقرآن.
أما الأول: فلأنا لو لم نشترط التواتر فى المحل، لجاز أن لا يتواتر كثير من القرآن المكرر مثل قوله تعالى: ((فبأى آلاء ربكما تكذبان)) من سورة الرحمن.
ومثل قوله تعالى: ((ويل يومئذٍ للمكذبين)) من سورة المرسلات.
وأما الثانى: فلأنه إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل، فجاز إثبات ذلك البعض فى الموضع بنقل الآحاد، وهذا مالا يجوز وقد رفضه أهل الحق. ([٧١])
وقال مكى: من قال: إن البسملة آية فى أول كل سورة فقد زاد فى القرآن، وهذا ما لم يقل به أحد من الصحابة ولا من التابعين، والإجماع قد وقع على ترك عدها آية من كل سورة، وما حدث بعد هذا الإجماع هو قول منفرد غير مقبول.
هذا الإجماع واقع على ما سوى سورة الفاتحة، وأما بالنسبة للبسملة فى الفاتحة فقد وقع الخلاف والمختار من قول الشافعى أنها أية منها، والاختلاف فى ذلك غير منكر، لكنا نقول: إن الزيادة فى القرآن لا تثبت بالاختلاف، وإنما تثبت بالإجماع ولا إجماع فى كون البسملة آية لا من الفاتحة ولا من غيرها. ولا تواتر كذلك ([٧٢]) أى: لا تواتر فى عدها آية.
شبهة على القاعدة وردها:
أورد بعضهم على مضمون هذه القاعدة والرأى الآخر المعارض لها أوردوا شبهة قالوا فيها:


الصفحة التالية
Icon