إن قرآنية البسملة أو عدمها شأنها أن توقع فريقاً من المسلمين فى الكفر، فعلى رأى من يقول بقرآنيتها يُحكم بكفر منكرها، وعلى رأى من يقول بعدم قرآنيتها يُحكم بكفر مثبتها ؛ لأن منكر الثابت من القرآن كافر، كما أن من ينسب إلى القرآن ما ليس منه فإنه يكفر أيضاً، فيترتب على ذلك أن يكفر بعض المسلمين بعضا.
والجواب عن هذه الشبهة:
نستهل هذا الجواب بحمد الله حيث لم يحدث أن طائفة من القراء أو العلماء أو المسلمين عامة كفرت طائفة أخرى بسبب رأى فى البسملة التى فى أوائل السور، وذلك لأن الأمر سهل هين ؛ لأن الخلاف حول ذلك هو خلاف فى إطار الاجتهاد ؛ لأن العلماء لم يختلفوا حول كون البسملة فى بداية السور لم تتواتر قرآنيتها، وإن اتفقوا على تواتر كتابتها وقراءتها، وفرق بين تواترها من هذا الجانب وتواتر كونها فرآناً.
والحاصل أن الآراء الاجتهادية لا يكفر مخالفها باجتهاد آخر، وإنما الكفر يكون بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كمن ينكر كون البسملة جزء من آية سورة النمل والله أعلم.
أعود فأقول: لم هذا النزاع فى البسملة بالذات، وهناك ألفاظ أخرى اختلفت بين القراءات بالزيادة والنقصان؟ وذلك كقوله تعالى: ((فإن الله هو الغنى الحميد)) ([٧٣]) فلفظة "هو" من القرآن فى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وعاصم وحمزة والكسائى، وليست من القرآن فى قراءة نافع وابن عامر ([٧٤]) وعليه فعلى فرض كون البسملة فى فواتح السور آية عند بعض القراء السبعة كابن كثير فإن كونها ليست آية عند البقية الباقية لا يضر فنظير هذا موجود بينهم.
--------------------------------------------------------------------------------
([١] ) أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
([٢]) التحبير للسيوطى - ص٦٩.
([٣]) أنظر: أضواء البيان - ١/٧، معترك الأقران - ١/١٢٧، ١٢٨.
([٤]) سورة البقرة: ١٥٨.
([٥]) مختصر فى شواذ القرآن - ص١١١.