وكون القراءة الشاذة، لا تقوى على معارضة المتواترة، مما لا يمارى فيه، بل إن كثيراً من الأصوليين، لم يعتبرها حجة حتى فى مقام عدم المعارضة، وسيأتى الحديث عن ذلك فى محله إن شاء الله.
أمثلة تطبيقية مشتملة على
اعتماد العلماء للقاعدة
المثال الأول:
قال تعالى: ((إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما)) ([٤]) هكذا فى القراءة المتواترة ((فلا جناح عليه أن يطوّف بهما)) وقرأ على -رضى الله عنه -، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وابن عباس ((أن لا يطّوّف بهما)) ([٥])، وقرئ شاذاً كذلك "أن لا يتطوف" وكذلك أيضاً "أن لا يطوف" بضم الطاء وسكون الواو. ([٦])
قال ابن عطية فى تصوير الخلاف بين العلماء بناء على اختلاف القراءات فيها. قال:
واختلف العلماء فى السعى بين الصفا والمروة، فمذهب مالك والشافعى أن ذلك فرض وركن من أركان الحج، لا يجزى تاركه أو ناسيه إلا العودة، ومذهب الثورى وأصحاب الرأى أن الدم يجزئ تاركه، وإن عاد، فحسن، فهو عندهم ندب …….. إلى أن قال : وقال عطاء: ليس على تاركه شئ لا دم ولا غيره، واحتج عطاء بما فى مصحف ابن مسعود "أن لا يطوف بهما" ا. هـ
إلى هنا انتهى تصوير الخلاف واحتجاج عطاء بالقراءة الشاذة على ما لا تفيده القراءة المتواترة.
ثم قال ابن عطية - معتمداً على القاعدة المذكورة:-
وهى قراءة خالفت مصاحف الإسلام، وقد أنكرتها عائشة -رضى الله عنها - فى قولها لعروة حين قال لها: أرأيت قول الله: ((فلا جناح عليه أن يطوف بهما)) ؟ فما نرى على أحد شيئاً ألا يطوف بهما. قالت: يا عروة كلا لو كان ذلك، لقال: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. ([٧])