وهذا السبب الذي ذكره ابن جرير ساقه بإسناده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي ﷺ فقالوا: يا رسول الله: كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة، فقال: إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا، فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال، فكفوا فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُم ْ... الآية﴾.
وهذا الحديث رواه ابن أبي حاتم والنسائي والحاكم وابن مردويه كما ذكر ذلك ابن كثير١.
المعنى الثاني: المراد به الشهادة:
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ فصلت ٦-٧.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الذين لا يشهدون لا إله إلا الله٢.
وقال عكرمة: الذين لا يقولون لا إله إلا الله.
قال ابن كثير: والمراد بالزكاة ههنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك٣.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالآية المذكورة زكاة الأموال، وهذا مروي
عن قتادة والسدي٤.
وصوّب هذا القول الحافظ ابن جرير بناء على أن ذلك هو الأشهر من معنى الزكاة، وقال ابن كثير: وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين، واختاره ابن جرير، وفيه نظر، لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة على ما ذكره غير واحد، وهذه الآية مكية٥.
٢ تفسير ابن جرير (٢٤/٩٢).
٣ تفسير القرآن العظيم (٦/١٦٢).
٤ تفسير ابن جرير (٩٣/٢٤)، وانظر تفسير القرآن العظيم (٦ / ١٦٢).
٥ تفسير القرآن العظيم (٦/١٦٢).