عن أداة للمتاع يقضى الإنسان وطره منها ثم يستخدمها استخدام السائمة في الزرع والحرث دون مكانة ولا كرامة.
وإن الجاهلية المعاصرة في التعامل مع المرأة لتذكرنا بجاهلية القرون الأولى، من تبرج سافر، وعضل قاهر، وظلم ظاهر، وتحايل ماكر، وتعامل مشين.
لقد أخرجتها من بيتها، واستغلتها لتكون جندية في الشوارع العامة، ومضيفة في الطائرة، وممثلة في الشاشات المرئية، وموظفة بين الرجال الأجانب، ومطربة في النوادي المختلطة، وممرضة باسم الإنسانية، ودعائية لبعض المبيعات التجارية، بل أصبحت أحياناً تقود الجيوش وتصرّف الرجال وتدعو إلى السلام وتحضر المؤتمرات، وتعلن في غير حياء ولا خجل بالتصريحات إلى غير ذلك من الأمور التي لا شأن للمرأة بها، والجاهلية تزين لها عملها وتصفق وتروّج لما تقوم به، ظلما وعدوانا، من أجل إشباع الغريزة. وإيجاد الفوضى في العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة، وأن يكون نظام الأسرة مخلخلا لا ضابط ولا زمام ولا خطام له١.
"والجاهلية ليست فترة معينة من الزمان إنما هي حالة اجتماعية ذات تصورات معينة للحياة، ويمكن أن توجد هذه الحالة، وأن يوجد هذا التصور في أي زمان وفي أي مكان فيكون دليلاً على الجاهلية حيث كان٢، وباختصار فكل ما خالف أمر الشرع فهو من الجاهلية.
ولقد عالج الإسلام هذه الظاهرة السيئة، علاجاً شافياً كافياً، وفق قواعد شرعية معينة، احترم فيها وضع المرأة والأسرة وصانها مما يشينها ويوصم جبينها، فلله الحمد والمنة.
"وما كان يمكن أن تنبت كرامة المرأة من البيئة الجاهلية أبداً، لولا أن تنزل بها شريعة الله ونهجه في كرامة البشرية كلها، وفي تكريم الإنسان: الذكر والأنثى، وفي رفعه إلى المكان اللائق بكائن يحمل نفخة من روح الله العلي الأعلى. فمن هذا المصدر
٢ في ظلال القرآن ٦/ ٥٨٤.