فيبرزها، وذلك هو المنزل عليه ﷺ، وهو معنى كون السنة قاضية على الكتاب، وليس القرآن مبيناً للسنة، ولا قاضياً عليها، لأنها بينة بنفسها، إذ لم تصل إلى حدّ القرآن في الإعجاز والإيجاز، لأنها شرح له، وشأن الشرح أن يكون أوضح وأبين وأبسط من المشروح(١).
أما الإمام أحمد رحمه الله فقد سئل عن هذا القول - أن السنة قاضية على القرآن - فتورع عن إطلاقه، وقال : ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول : إن السنة تفسّر الكتاب وتبينه(٢).
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله : لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه وهو السنة، لأنه إذا كان كلياً، وفيه أمور كلية، فلا محيص من النظر في بيانه.
قال تعالى :((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (النحل: ٤٤).
ويلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل لما بين مهمة الرسول ﷺ في تبيين القرآن للناس ؛ ختم الآية بقوله :((وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)).
وفي هذا دليل على أن بيان الرسول ﷺ لا ينافي تدبر الآيات، والتفكر فيها، والغوص في معانيها لاستنباط وجوه جديدة من البيان، وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى وهي :
منهج الرسول ﷺ في التفسير :
يقول الشيخ فهد الرومي في بيان منهج الرسول ﷺ في التفسير - وذلك حسب الاستقراء - :(( لم يكن الرسول ﷺ يطنب في تفسير الآية أو يخرج إلى ما لا فائدة في معرفته ولا ثمرة في إدراكه، فكان جل تفسيره بياناً لمجمل، أو توضيحاً لمشكل، أو تخصيصاً لعام، أو تقييداً لمطلق، أو بياناً لمعنى لفظ أو متعلقه))(٣)

(١) مناهل العرفان : ١/٢٩٩.
(٢) طبقات الحنابلة : ١/٢٥٣.
(٣) بحوث في أصول التفسير : ص١٩.


الصفحة التالية
Icon