أعلم أن النسخ لا يدخل الخبر في قول أكثر الفقهاء والأصوليين، وبه قال مجاهد وسعيد بن جبير. وإنما يكون في الأمر والنهي لطفاً من الله تعالى بعباده. وقال قوم: إنه يكون في الأخبار التي معناها الأمر والنهي، وبه قال الضحاك. قلت: وعليه يتخرج نسخ آية "الزاني لا ينكح إلا زانية" وآية العدة. وقال قوم: أنه يكون في جميع أقسام الكلام، وبه قال زيد بن أسلم، وقال ابن الباقلاني: لا يجوز في خبر الله وخبر رسوله، وقال القاضي: في نسخ الخبر أنه إن كان مما لا يجوز أن يقع إلا على وجه واحد كصفات الله وخبر ما كان وخبر ما سيكون = لم يجز نسخه، ويجوز إن كان مما يصحّ تغييره وتحوله: كالأخبار عن زيد بأنه مؤمن أو كافر وعن الصلاة بأنها واجبة. قال بعض المحققين: هذا قول جيد. قلت: وعليه يتخرج نسخ نحو آية المحاسبة وآية المصابرة.
فائدة في جواز نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف:
يجوز أن ينسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف. فالأثقل بمضاعفة الأجر ورفع الدرجات بالصبر وامتثال الأمر، والأخف للرأفة والرحمة مع جزيل الأجر منه تعالى، الله الكريم الجواد، فالنسخ حينئذ تحول العباد من حلال إلى حرام أو حرام إلى حلال ومن مباح إلى محظور ومن محظور إلى مباح ومن خفيف إلى ثقيل ومن ثقيل إلى خفيف. كل ذلك لما يعلم الله (تعالى) من المصلحة لعباده.
فائدة في الفرق بين النسخ والبداء: