٨) قوله (تعالى): "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف، حقاً على المتقين": منسوخة بآية الميراث: "يوصيكم الله في أولادكم" الآية. وقيل بالحديث: قال (عليه الصلاة والسلام): إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث. وقال الحسن البصري وقتادة وطاووس والعلاء بن زيد ومسلم بن يسار: هي محكمة غير منسوخة.
٩) قوله (تعالى): "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون": اختلف المفسرون بعد إجماعهم على نسخها فيمن أشار الله إليهم من قبل، فقالوا: أشار الله إلى الأمم الماضية وذلك أن الله (تعالى) لم يبعث نبياً إلا فرض عليه وعلى أمته شهر رمضان، فآمنت به هذه الأمة وكفرت به سائر الأمم السالفة. قلت: فيه نظر ما لم تحمل على أن المراد بعد أنبيائهم. وقال آخرون: أشار بالذين من قبلنا إلى النصارى، وذلك أنهم إذا أفطروا أكلوا وشربوا وجامعوا النساء ما لم يصلوا عشاء الآخرة يناموا قبل ذلك فلم يزل أمر المسلمين كذلك حتى وقع أربعون رجلاً في خلاف الأمر منهم عمر بن الخطاب فجامعوا نسائهم بعد النوم، فأنزل الله الناسخ وهو قوله (تعالى): "أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" الآية.
١٠) قوله (تعالى): "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له" فكان الرجل إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم مكان كل يوم مسكيناً، ثم قال (تعالى): "فمن تطوع خيراً فهو خير له" فأطعم مسكينين فنسخ ذلك بقوله (تعالى): "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، وفيه محذوف تقديره: بالغاً عاقلاً حاضراً صحيحاً. وقيل: لا نسخ، والنفي مقدر أي: لا يطيقونه، ولا شك أن الذين لا يطيقونه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه يطعمون لكل يوم مسكيناً.