٨) قوله (تعالى): "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف"، استثنى منه أيضاً ما قد سلف قوله (تعالى): "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن"، وهو نكاح المتعة وذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نزل في بعض أسفاره فشكوا إليه الغربة فقال: استمتعوا من هذه النساء، وكان ذلك ثلاثة أيام فقط ثم خطبهم (عليه الصلاة والسلام): فقال ألا وإني قد كنت أحللت لكم هذه المتعة ألا وأني قد حرمتها ألا فليبلغ الشاهد الغائب. وعن علي (رضي الله عنه) إنه (عليه الصلاة والسلام) نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية. وذهب عامة الناس إلى أن نكاح المتعة حرام. والآية منسوخة إلا عند ابن عباس وروى أنه رجع عن ذلك، وناسخها قوله (تعالى): "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم"، وأجمعوا لأنها ليست زوجة ولا ملك يمين أي أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم، "فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا" أي: أعطوهم من الغنائم التي صارت بأيديكم من أموال الكفار بقدر ما أنفقوا عليهن من المهر، ثم نسخ ذلك بقوله (تعالى): "براءة من الله ورسوله" إلى رأس الخمس آيات.
٩) قوله (تعالى): "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"، منسوخة بقوله (تعالى): "ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى قوله أو صديقكم"، قلت: وهذه الآية الناسخة منسوخة كما قال بعضهم بقوله (عليه الصلاة والسلام): لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه، وهو حجة الحنابلة حيث قالوا: يحرم على الشخص أن يأكل من بيت قريبه أو صديقه بلا إذن صريح أو قرينة. فإن قلت: ثبت بهذا نسخ الكتاب بالسنة، قلت: قال بعض المحققين: الناسخ قوله (تعالى): "لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم"، فهذا وإن كان ظاهراً أنه المراد لكن السنة بينت ما المراد به فليحرر.


الصفحة التالية
Icon