٣) الثالث: أن يكون الناسخ أمراً بترك العمل بالمنسوخ الذي كان فرضاً ونحن مخيّرون في فعل المنسوخ وتركه؛ وفعله أفضل. وذلك ما نسخ من قيام الليل بعد أن كان فرضاً. ومثله ما كان فرضاً على المسلمين من تحريم الأكل والشرب والوطء في شهر رمضان بعد النوم فهذا الناسخ أمر بترك المنسوخ مع أنّ لنا فعله.
٤) وزاد بعضهم قسماً رابعاً وهو أن يكون الناسخ فرضاً والمنسوخ كان ندباً كالقتال: كان ندباً ثم صار فرضاً. قال بعضهم: وهذا في الحقيقة لا يسمى نسخاً وإنما هذا أمر مؤكد ولا رخصة فيه، وتاركه عاص معاقب، والأول كان تاركه محروم الأجر لا غير، فصار صريح الأمر فارضاً للقتال.
الفصل الرابع: فائدة فيما يجوز أن يكون ناسخاً ومنسوخاً: وذلك خمسة أقسام:
١) الأول: نسخ القرآن بالقرآن: وهو ثابت بالإجماع، كقوله (تعالى): "ما ننسخ من آية" أي حكم آية "أو ننسها" أي نتركها فلا ننسخها أو نؤخّر حكمها، فيعمل به حيناً "نأت بخير منها" أي أنفع منها، ثم قال (تعالى): "ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" من أمر الناسخ والمنسوخ لأن إثباتهما في القرآن دلالة على الوحدانية، "ألا له الخلق والأمر".