كيفية هذا الجمع: (١)
من المعلوم أنَّ زيد بن ثابت رضي الله عنه كان يحفظ القرآن كله في صدره وكان القرآن مكتوباً عنده ومع هذا فلم يعتمد على ما حفظه ولا على ما كتب بيده وذلك أنّ عمله ليس جمعَ القرآن فحسب، وإنَّما التوثيق والتثبت فيما يكتب ولهذا قال الزركشي رحمه الله تعالى عن زيد :"وتتبعه للرجال كان للاستظهار لا لاستحداث العلم" (٢) وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم". (٣)
وقد رسم أبو بكر رضي الله عنه لزيد المنهج لهذا الجمع فقال له ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه". (٤) (٥)
وقد امتثلا ذلك فقد قام عمر في الناس فقال: "من كان تلقّى من رسول الله ﷺ شيئاً من القرآن فليأتنا به". (٦)
وقد بيَّن زيدُ نفسه المنهج الذي سلكه بقوله رضي الله عنه: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال". (٧)
وعلى هذا فإنّ منهج زيد في جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يقوم على أسس أربعة:
- الأول: ما كُتِبَ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_________
(١) دراسات في علوم القرآن: فهد الرومي، ص ٨٠-٨١.
(٢) البرهان، الزركشي ج١ ص٢٣٤.
(٣) فتح الباري، ابن حجر ج٩ ص١٥.
(٤) المصاحف: لابن أبي داود ص١٢، وجمال القراء: ج١ ص٨٦.
(٥) قال ابن حجر: «ورجاله ثقات مع انقطاعه» فتح الباري ج٩ ص١٤.
(٦) المصاحف: ابن أبي داود، ص١٧.
(٧) صحيح البخاري، ج٦ ص٩٨-٩٩.