بل إن أعلام الحفاظ يميزون الحفظ بالتلقي فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "والله لقد أخذت من في رسول الله ﷺ بضعاً وسبعين سورة" (١) ويبين عمن أخذ باقيه فيقول في رواية أخرى: -"وأخذت بقية القرآن عن أصحابه" (٢) وكان رضي الله عنه - إذا سئل عن سورة لم يكن أخذها عن رسول الله ﷺ صرح بذلك وأرشد إلى من أخذها بالمشافهة.
وما قاله أعلام الحفاظ لم يبتدعوه وإنما أخذوه من سنة الرسول ﷺ فقد كان عليه الصلاة والسلام يتعلم القرآن من جبريل عليه السلام مشافهة، ويعارضه القرآن في كل عام في شهر رمضان وعارضه بالقرآن - عام وفاته - مرتين، والصلوات الخمس يجهر في ثلاث منها ويجهر في بقية الصلوات كالجمعة والعيدين والخسوف والكسوف والاستسقاء والتراويح وفي هذا إشارة إلى تعليم الناس للتلاوة الصحيحة في الصلاة الجهرية ثم تطبيقها في الصلاة السرية، وصلاة المنفرد في النوافل.
_________
(١) صحيح البخاري ج٦، ص١٠٢ ومسلم ج٤، ص١٩١٢.
(٢) فتح الباري: ابن حجر ج٩ ص: ٤٨.


الصفحة التالية
Icon