وباستقراء البيان القرآني في استعمال القسم، يدلنا على أنه يعتبر بحال المقسم عند عقد اليمين، فيخص القسم بمن كان صادقا عند عقده لليمين، حتى ولو خالف ذلك الحق، وجانب الصدق في واقع الأمر، وإنما كان ذلك هو اعتقاده الجازم، ونظرته المخلصة في نظر نفسه، أو على الأقل إيهام المقسم له بذلك. ومن هنا يمكن أن نفهم إشارة القرآن الكريم المتكررة إلى الجهد المبذول عند عقد اليمين من قبل بعض الكفار، والمشركين، مما يوحي بصدقهم وإخلاصهم في اعتقادهم، وإن لم يكن هو الحق. فقد ذكر الله سبحانه وتعالى إقسامهم بالله جهد أيمانهم في خمسة مواضع... ، (١)... ليوحي اجتهادهم غاية الجهد في هذه الأيمان بصدقهم فيها، وإن تبين فيما بعد أن الأمر بخلاف ذلك. ومن هنا نرى أن القسم يرد عاما، من الله سبحانه، وعلى لسان المسلمين، والمنافقين، والكفار، ويكون في آيات مكية ومدنية، وغالبا ما يكون صادقا بارا، وإن لم يكن كذلك في واقع الأمر، فعلى الأقل في نظر المقسم، وحسب اعتقاده عند عقد اليمين.

(١) - انظر الآيات : في سورة المائدة : آية / ٥٣، وسورة الأنعام : آية/ ١٠٩، وسورة النحل : آية / ٣٨، وسورة النور : آية/ ٥٣، وسورة فاطر : آية / ٤٢.


الصفحة التالية
Icon